أمام مكتب كاتب عدل في جدة وضعت لوحة كتب عليها يمنع دخول الرجال في حال وجود امرأة في الداخل. كانت تلك الرسالة المطبوعة بجهاز الحاسب الآلي على باب كاتب العدل بمثابة إعلان صريح باحترام المرأة وهي الرسالة ذاتها التي قرأتها جيداً سيدة حملت أوراق مؤسستها ووضعتها على طاولة كاتب العدل وأدارت معه حديثا حول مطالب لها باستخراج وكالة لاستصدار تأشيرات استقدام عمال. حديث سمعه النساء والرجال المنتظرون في صالة مخصصة لذلك. كان ذلك في جدة. وقبل فترة لا زالت صورة امرأة جلست أمام بوابة إحدى الوزارات في الرياض من أجل مقابلة وزير مطبوعة في ذاكرتي. إذن أبواب الجهات الحكومية مفتوحة أمام المرأة. لكن بعض صدور موظفي تلك الجهات ليست كذلك. وهذا ما دفعنا في «عكاظ» إلى التقصي باحثين عن مسببات عدم تقبل رؤية المرأة في جهات خدمية ومطالبتها بولي أو محرم أثناء تتبعها لمعاملة تخصها بالدرجة الأولى. وخرجنا بالتفاصيل التالية: تعمل خلود سنيور معقبة خاصة لدى الدوائر الحكومية وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة تحمل أوراق عملائها كل يوم ..تواجه الموظفين وتستنزع الحق لكنها تشعر بحرقة كبيرة من تعامل بعض من يعملون في جهات خدمية معها «كثيراً ما فشلت في مقابلة مسؤول كان لزانماً عليه استقبالي وإنهاء ما أتيت من أجله مع أن هناك تعميماً ينص على أن تقابل المرأة المسؤول في حال تعرضت لأذى معين، و لايوجد أي نظام صريح يمنع المرأة من ذلك في أي جهة حكومية، ومع الأسف الشديد فإن أغلب القطاعات لاتطبق القوانين المنصوصة، ونطالب بإعادة النظر فيها واحترام المرأة». وترى عفاف الحربي أن ضعف الأقسام النسائية في الأجهزة هو ما يدفع بالمرأة إلى اللجوء إلى الرجال لإنجاز معاملة مهمة «أتمنى أن تفعّل أدوار المرأة العاملة كي تتمكن المراجعة من إنهاء أمرها دون حرج». من جهتها تقترح عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين تخصيص يوم للمرأة من كل أسبوع في القطاعات الحكومية لمناقشة قضاياها وإيصال صوتها إلى المسؤولين دون أي عراقيل «ليس من حق الرجل أن يمنع المرأة من لقاء أي مسؤول في القطاعات الحكومية لحل كافة مشاكلها ويعني ذلك حرمان المجتمع من العلم الذي ينبغي أن ينتفع به ومن خبراتها في الحياة، والمفروض من كبار المسؤولين أن يساهموا في وضع حلول جذرية وسريعة لهذه المعضلة». وترى أن الرجل الذي يمنع الآخرين من مقابلة المرأة في مجتمعاتنا لم يحدث في زمن النبي عليه الصلاة والسلام الذي كان يخصص يوماً من كل أسبوع لتعليم المرأة تاركاً لها حرية التعبير عن رأيها وحل القضايا التي ترتبط بها بكل يسر، والمجتمع قد غفل قول الله عز وجل في كتابه الكريم الذي أنزل حلاً لقضيتها على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله). من جهتها تمنت المسؤولة في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتورة إنعام الربوعي وجود قرار صريح يقضي على منع السيدات من المراجعة في جميع الإدارات وإعادة هيكلة التنظيمات التي تخص مصالح المرأة. وتعتبر سيدة الأعمال إيناس غازي حشاني اشتراطات موظفين في جهات حكومية للمرأة المراجعة وجود ولي أو وكيل شرعي عاملاً رئيسياً في ركود قطاع الأعمال النسائي ومع ذلك تقول «لم أشك يوماً في إمكانية المرأة في المناصب القيادية بل إنني مؤمنة أنها لو أعطيت الفرصة سوف يحدث تطور وقفزة كبيرة في بناء هذا الوطن ودفعه إلى العالم الأول وما تحتاجه المرأة هو الثقة بنفسها والإيمان بقدراتها والإصرار لأن المجال مفتوح والدعم موجود». ورأى عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة أن أدوار المرأة في معظم القطاعات الحكومية فقيرة ما يحتم على المسؤولين أن يعملوا جاهدين من أجل رفع القرارات وتطبيقها «نصف المجتمع نساء وهن يحتجن إلى من يقدم لهن الخدمات وهذا حق من حق المرأة لابد من تواجدها في بعض الدوائر الحكومية كون وجودها مهما كما هو الحال في المحاكم لابد من تواجد المرأة فيها وتتولى هي قضاياها واستشارتها بما يجب أن تعمله وتواجدها في الدوائر الحكومية قد يسهل عليها هذه العملية كبديل من مقابلة المسؤول ورفضه لها نهائياً». وحول رفض المسؤول مقابلة المرأة في بعض الدوائر يقول آل زلفة «لا يوجد نص أو قانون يمنع من دخول المرأة إلى القطاعات الحكومية، ومن يفعل ذلك من المسؤولين ليس مؤهلا لتولي المنصب». ومن جهته أكد أستاذ التفسير في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور سعود الفنيسان أنه لا مانع من استشارة المرأة للمسؤول فيما يتعلق بمشاكلها وتحدثها وجهاً لوجه مع المسؤول لاشيء فيه طالما لا يوجد هناك خروج عن المألوف. وحول الرأي الشرعي في منع الرجل الموظف للمرأة من مقابلته في أمر يخصها أوضح الدكتور الفنيسان أنه لايوجد دليل أو قانون يثبت بهذا المنع «والمرأة اليوم من حقها أن تذهب إلى القاضي بنفسها وتتناقش معه، اما من حيث إلزامها بتغطية وجهها فهذا شرعا ولكن طالما كانت محجبة وبحشمتها فلا أعتقد أن تجبر». فيما يرى المتحدث الإعلامي في جوازات منطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين أن الدوائر الحكومية تحتاج فعلاً إلى وجود المرأة ليساعد في ذلك على تسهيل عملية التواصل مابين النساء اللائي يحتجن وجود المرأة مؤيداً عمل المرأة في القطاعات الحكومية وتفعيل مكانتها كونها أثبتت جدارتها في جميع المجالات خاصةً في المناصب القيادية.