سبق أن تناول كتاب ومهتمون بالشأن الصحي والبيئي ظاهرة انتشار الفئران في كورنيش جدة، وبعض الأحياء القديمة، ورأيت بعيني حال هذه الفئران التي أصبحت في حجم الأرانب، وتراودني مخاوف كبيرة في أن تصبح في حجم القطط، خصوصا أنها وجدت البيئة المناسبة التي وفرت لها المأكل والمشرب، وبالتالي فإنها تتكاثر بشكل طبيعي وسط ظروف مناخية مهيأة. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الأمانة عن وجود خطة لمحاربة الفئران في جدة، ومكافحتها بالطرق المدروسة، خاصة في منطقة الكورنيش والأحياء الشعبية التي تتكاثر فيها، وأماكن تجمع الأغذية التي تعتبر أهم الأسباب التي تساعد على استمرارها على الرغم من حملات المكافحة المكثفة، فإن المؤشرات الصحية توضح أن وجود هذه الفئران يثير المخاوف من انتقال أمراض خطرة تهدد صحة الإنسان، ولاسيما الأطفال عن طريق الاحتكاك المباشر، فالجرذان تعد من الحيوانات الثديية صغيرة الحجم، تنشط ليلا، وتعيش في الجحور، وتحمل الجراثيم والفيروسات التي ينقلها إلى الإنسان بعدة طرق، لتصيب الجهازين الهضمي والتنفسي، ومن أشهر الأمراض التي تنقلها الفئران: الإسهال، الحمى التيفودية، الكوليرا، السل، والزحار. والطاعون ينتقل عن طريق الحشرات «كالبراغيث»، والعائل الوسيط هو الفأر الذي تتكون فيه بكتريا الطاعون، والبكتريا يسهل مقاومتها بالمقارنة بالفيروسات، وتنتقل البكتريا من الفأر إلى البرغوث ومن ثم إلى الإنسان عن طريق اللدغ فيصاب بالمرض، وتبدأ أعراض المرض بصداع شديد مع ارتفاع في درجة الحرارة، وتتطور إلى ما لا يحمد عقباه. أضم صوتي مع كل من كتب عن انتشار الفئران في جدة بضرورة الانتباه إلى هذه المشكلة قبل أن تصبح كارثة، كما شهدتها الهند في التسعينيات، وعلى الأمانة أن تضع هذا الموضوع في أولويات أجندتها، حفاظا على سلامة وصحة البشر. وأخيرا.. الفئران شديدة الذكاء، لذا فإن مكافحتها يجب أن تكون بطرق تفوق ذكاءها، ولا سيما أنها تأقلمت تماما مع الظروف البيئية، وبالتالي قادرة على ترك أجيال جديدة خلفها. * مدير إدارة حماية البيئة الأسبق في الأرصاد وحماية البيئة