دعا المدير العام رئيس مجلس المديرين التنفيذيين في صندوق النقد العربي الدكتور جاسم المناعي الدول العربية إلى توحيد نظم الصرف في ما بينها واختيار عملة دولية للتثبيت والارتكاز كخطوة أولى لتحقيق هدف العملة العربية الموحدة . وقال، في حوار مع «عكاظ»، إن تقارب الأنظمة الاقتصادية العربية متطلب أساسي لرفع معدلات النمو والتمهيد للتكامل النقدي والاقتصادي المطلوبين. ورغم ما أثير في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عن مسألة الشفافية حول عمليات الصندوق ودوره في دعم الاقتصادات العربية، نفى المناعي عن صندوق النقد العربي تهمة غياب الشفافية، مستدلا بسرد قائمة طويلة من أعمال الصندوق في دعم الاقتصادات العربية ومساعدتها في الاندماج في الاقتصاد العالمي. وأكد على أهمية انفتاح الأسواق العربية على بعضها البعض، تنشيط الطلب المحلي والتصدير. وتطرق المناعي في حواره إلى الأزمة العالمية، قائلا إنها حثت على تحفيز الطلب لتنشيط الاقتصاد العربي والمضي في سياسات نقدية ومالية محفزة. وأضاف «أن مرحلة استعادة الاقتصاد العالمي تعافيه بدأت في عدد من دول الاقتصادات الكبرى، حيث سجلت في نهاية عام 2009 معدلات نمو مرتفعة نسبيا، إلا أنها لا تزال تعاني من مشكلة البطالة المتفاقمة والاتجاهات الهشة في النمو». ورغم إشارته إلى أن أهمية الدولار كعملة ادخار واحتياطي في العالم لا تزال قائمة إلى جانب اليورو، إلا أنه يتوقع أن تظهر مستقبلا عملة احتياطي عالمية ثالثة في آسيا. الدولار وبناء الثقة • يناقش منتدى جدة الاقتصادي في دورته الجديدة لعام 2010م، التي ستعقد السبت المقبل في جدة، عدة محاور منها: إدارة الاقتصاد العالمي بعد الأزمة، مستقبل الدولار كعملة احتياط عالمية، وإعادة بناء الثقة في المؤسسات المالية.. كيف تنظرون إلى هذه القضايا المهمة وتوقيت طرحها وطريقة علاجها؟ قطع النظام الاقتصادي العالمي شوطا مهما نحو المزيد من التنسيق في أعقاب الأزمة المالية، حيث ظهرت للوجود مجموعة دول العشرين، وهي تتضمن ليس فقط الدول الكبرى بل كذلك أيضا دول الاقتصادات الناشئة كالمملكة والصين والهند والبرازيل، والتي أصبح لها ثقل اقتصادي وسياسي مهم في إعادة الاستقرار للاقتصاد العالمي. وفي جانب إعادة الثقة في المؤسسات المالية، فقد اتفق المجتمع الدولي على دعم موارد وصلاحيات المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى إدخال تعديل على حصص الدول الأعضاء الكبرى وإعطاء قوة تصويتية أكبر لبعض الدول النامية ذات الاقتصادات الكبرى، وهي كلها إجراءات مهمة وضرورية في إعادة بناء الثقة في المؤسسات المالية الدولية لتعزيز دورها العالمي في التنسيق والإنذار المبكر بالأزمات والتي قد تعترض الاقتصاد العالمي مستقبلا. وفي ما يتعلق بالدولار كعملة احتياطي عالمية، فما من شك أن الولاياتالمتحدة كانت مصدرا لاندلاع الأزمة المالية وما أحدثته من هزات غير مسبوقة في الأسواق العالمية أدت إلى إطاحة عدد من المؤسسات المالية الكبرى، ما أثر بدون شك في تراجع الثقة في الدولار كعملة ادخار واحتياطي في العالم، غير أننا لا ننسى أن الاقتصاد الأمريكي لايزال أكبر اقتصاد في العالم، وأن تعافيه وتعافي المؤسسات المالية لديه يعني تعافي الاقتصاد العالمي وعودة السيولة والاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق العالمية، وبالتالي لازال الدولار يمثل عملة احتياطي عالمية بجانب العملة الصاعدة، اليورو، وربما تظهر مستقبلا عملة احتياطي عالمية ثالثة في آسيا، فيما بين اليابان والصين والهند على سبيل المثال. نمو هش • على المستويين الإقليمي والدولي.. متى ستنتهي الأزمة المالية وتبدأ مرحلة التعافي الحقيقية للاقتصادات الخليجية؟ وما هو التأثير الحقيقي لهذه الأزمة على الدول العربية؟ لاشك أن الجميع يتفق على أن الأزمة المالية التي شهدها الاقتصاد العالمي في السنوات القليلة الماضية أثرت بصورة غير مسبوقة على أدائه، وأن الاختلالات في القطاع المالي امتد أثرها إلى القطاعات السلعية والخدمية العالمية، وشهدت غالبية الدول المتقدمة والنامية زيادة كبيرة في البطالة. وعلى الرغم من أن مرحلة استعادة الاقتصاد العالمي تعافيه بدأت في عدد من دول الاقتصادات الكبرى كالصين والهند والولاياتالمتحدة، حيث سجلت في نهاية عام 2009 معدلات نمو مرتفعة نسبيا، إلا أن هذه الاقتصادات، وكذلك الاتحاد الأوروبي، لاتزال تعاني من مشكلة البطالة المتفاقمة والاتجاهات الهشة في النمو. وهذا سيستغرق وقتا طويلا قبل أن يستعيد الاقتصاد العالمي نموا مستداما مثل ما حققه في السنوات الماضية قبل اندلاع الأزمة. وبالنسبة للتأثير الحقيقي لهذه الأزمة على الدول العربية كان من الصعب أن تتجنب هذه الدول انتقال الآثار السلبية إليها، لذلك فقد ألقت الأزمة الضوء على أهمية تحفيز الطلب المحلي لتنشيط الاقتصاد الوطني، والمضي قدما في سياسات نقدية ومالية تدعم الطلب المحلي كالاستثمارات في البنى التحتية والاستمرار في الإصلاح الاقتصادي لتهيئة المناخ الاستثماري والإنتاجي المناسب لقيام القطاع الخاص بدور أكبر في الإنتاج وتوظيف العمالة. كذلك فإن انفتاح الأسواق العربية على بعضها البعض سيسهم كثيرا في إنجاح سياسات تنشيط الطلب المحلي والتصدير إلى أسواق الدول العربية. وقد لا يكون ذلك كافيا دون المزيد من التنسيق والتعاون بين الدول العربية في المجالات النقدية والمصرفية وفي أسواق المال العربية لتوفير السيولة والتمويل المطلوبين في تحقيق الاستقرار المالي والنمو المستدام في الاقتصادات العربية. تصحيح اختلالات الموازين • من المهمات الأساسية لصندوق النقد العربي تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعات الدول العربية، بما يقدر حجم هذا الاختلال حاليا؟ وكيف يمكن تصحيحه؟ كما هو معروف، عانى العديد من الدول العربية خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي من اختلالات في موازين مدفوعاتها مثلها مثل عدد كبير من الدول النامية على مستوى العالم، وهو الأمر الذي كان قد أدى إلى مشاكل المديونية الخارجية العالمية في ذلك الوقت، لكن الدول العربية قامت بعد هذه المرحلة بانتهاج سياسات نقدية ومالية وهيكلية موجهة لتصحيح الاختلالات الداخلية والخارجية، وصاحبها تصحيح لسياسات سعر الصرف وجهود لحل مشكلات المديونية الخارجية، بما أدى إلى تطوير اقتصاداتها وارتفاع وتنوع صادراتها، وهو الأمر الذي نجم عنه تراجع ملموس في اختلالات موازين المدفوعات وارتفاع الاحتياطيات الخارجية. وقد حققت الدول العربية، كمجموعة، فوائض سنوية في موازين مدفوعاتها وبصورة مستمرة منذ عام 1999، ففي عام 2008 بلغت فوائض الميزان التجاري للدول العربية مجتمعة نحو 424.1 مليار دولار وسجلت كل من فوائض ميزان الحساب الجاري والميزان الكلي 304.6 مليار دولار و207.4 مليار دولار على التوالي. كما صاحب هذه الفوائض تصاعد مستمر للاحتياطيات الخارجية الرسمية للدول العربية كمجموعة لتصل إلى 504.1 مليار دولار في عام 2008، تغطي نحو 9.6 أشهر من الواردات السلعية، وأيضا تراجع مستمر في نسبة الدين العام الخارجي القائمة للناتج المحلي الإجمالي لتقتصر على 21.8 في المائة في عام 2008، مع تقلص نسبة خدمة الدين العام الخارجي إلى الصادرات من السلع والخدمات لتقتصر على 5.8 في المائة في العام المذكور. المساعدة على الانفتاح • مر 33 عاما على إنشاء صندوق النقد العربي.. ورغم ذلك يظل اسم الصندوق يتداول بين النخبة المعنية فقط، لا يعلم الكثير من أبناءالعالم العربي شيئا عن ما يضطلع به الصندوق.. فما أهم إنجازات الصندوق؟ نعتقد أن الجهود التي قام بها الصندوق خلال الفترة الماضية ساهمت في تحسين إطار السياسات الاقتصادية والمالية في الدول العربية وإرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي، وتقليل الاختلالات في هذه الاقتصادات وجعلها أكثر انفتاحا على الاقتصاد الدولي. كما ساهمت هذه الجهود في تقليص القيود على حركة انتقال رؤوس الأموال، وكذلك مساعدة بعض الدول الأعضاء في التحول من الاقتصاد الموجه مركزيا إلى اقتصاديات تعتمد بدرجة أكبر على آليات السوق، وتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي. وقد أدى كل ذلك إلى حدوث تقارب بين الأنظمة الاقتصادية في الدول العربية، الأمر الذي يعتبر من المتطلبات الأساسية لرفع معدلات النمو والتمهيد لعملية التكامل النقدي والاقتصادي. وقد أسهمت جهود الإصلاح الاقتصادي التي قامت بها الدول العربية بالتعاون مع صندوق النقد العربي والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة في تخفيف حدة وقع آثار الأزمة المالية العالمية الأخيرة على اقتصاداتها وقطاعاتها المالية والإنتاجية. وقدم الصندوق منذ إنشائه 154 قرضا لدوله الأعضاء بقيمة إجمالية بلغت 5.6 مليار دولار أمريكي، كان معظمها موجها لدعم برامج شاملة للإصلاح الاقتصادي قامت بتنفيذها الدول الأعضاء بالتشاور مع الصندوق. وبالنسبة لدور الصندوق في تنمية المبادلات التجارية البينية، أنشأ الصندوق برنامج تمويل التجارة العربية منذ عام 1989، الذي يساهم أيضا في رأسماله البالغ 500 مليون دولار نحو 49 مؤسسة مالية ومصرفية عربية وطنية وإقليمية. ويوفر البرنامج جانبا من التمويل اللازم للمصدرين والمستوردين العرب، وذلك من خلال توفير خطوط ائتمان للمصارف العربية التي تم تعيينها كوكالات وطنية لذلك الغرض. وكذلك يوفر برنامج تمويل التجارة المعلومات حول أنشطة التجارة البينية العربية والترويج للسلع العربية. وفي هذا الإطار، قدم برنامج تمويل التجارة العربية منذ إنشائه خطوط ائتمان للمصدرين والمستوردين العرب بلغ حجمها التراكمي حوالي 7.2 مليار دولار أمريكي، وبالتالي يصل مجموع ما وفره الصندوق والبرنامج للدول العربية حوالي 13 مليار دولار أمريكي. ساعدنا على تجاوز أزمة السيولة • رغم أن الصندوق يضم نخبة من المتخصصين العرب في الاقتصاد والمال، إلا أن المواطن العربي أو حتى المهتم العربي لم يلمس دور الصندوق ورجاله في الحديث عن تأثير الأزمة المالية في الدول العربية، والمساهمة في وضع الحلول لها.. لماذا؟ لقد ركزت أنشطة الصندوق خلال عام 2009، على مساعدة الدول الأعضاء على الاستجابة السريعة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وذلك من خلال إجراء مراجعة شاملة لنشاط الإقراض بالصندوق، تضمنت إدخال قدر أكبر من المرونة تتناسب مع تطور احتياجات الدول الأعضاء نتيجة الأزمة. كما تضمنت تلك الإجراءات استحداث تسهيل جديد من شأنه تلبية الحاجة الطارئة للسيولة لدى الدول الأعضاء التي تأثرت بالأزمة، وقابلت صعوبات في النفاذ لأسواق المال العالمية. وبالفعل تضاعفت القروض التي قدمها الصندوق للدول الأعضاء ثلاث مرات عن ما كانت عليه قبل الأزمة. وبالإضافة إلى ذلك، نظم الصندوق عددا من الندوات وحلقات العمل حول الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاديات العربية، شارك فيها كبار المسؤولين من ذوي الاختصاص في الدول العربية، وشكلت فرصة لتبادل التجارب والدروس المستفادة منها. كذلك أعد المختصون في الجهاز الفني للصندوق العديد من أوراق العمل حول هذه الأزمة متاحة على موقع الصندوق في صفحة الإنترنت. وقدم الصندوق الورقة الرئيسية الخاصة بموضوع تداعيات الأزمة المالية على اقتصاديات الدول العربية والتي جرت مناقشتها على هامش القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية التي عقدت في دولة الكويت، وهي كذلك متاحة على موقع الصندوق لمن أراد أن يطلع عليها. كما أن الصندوق في إطار دوره كأمانة لمجلس محافظي المصارف المركزية واللجنة العربية للرقابة المصرفية المنبثقة عنه، حرص على التركيز في اجتماعات اللجنة على مناقشة تداعيات الأزمة المالية العالمية والإجراءات المتخذة من قبل هذه الأجهزة الرقابية لمواجهة هذه الأزمة وتبادل الخبرات والتجارب بشأنها بين الدول العربية. • الصندوق تأسس في عام 1977م بمشاركة 22 دولة عربية ووضع ستة أهداف رئيسية، لكن يقول البعض لم نر شيئا قد تحقق من هذه الأهداف فما هي حقيقة الأمر؟ وهل يتأثر الصندوق بالأوضاع السياسية السائدة في المنطقة أسوة بباقي مؤسسات العمل العربي المشترك الأخرى؟ عمل الصندوق منذ انطلاق نشاطه في العام 1978 على مساعدة دوله الأعضاء بتقديم تسهيلات ائتمانية لتصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها وما يتطلبه ذلك من إصلاحات اقتصادية. ثم بعد ذلك ومع تطور طبيعة الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة فقد استحدث الصندوق لاحقا، أنوعا أخرى من التسهيلات لدعم الإصلاحات الهيكلية في القطاعات التي تؤدي إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد الإنتاجية لرفع معدلات النمو الاقتصادي وإدامتها، بعد أن حققت سياسات الاستقرار وإصلاح الأوضاع الاقتصادية الكلية نتائج طيبة في العديد من الدول. وللتعرف على مزيد من إنجازات الصندوق في هذا الشأن نرجو الاطلاع على موقع الصندوق وتقاريره السنوية. إبداء المشورة للأعضاء • إبداء المشورة في ما يتصل بالسياسات الاستثمارية الخارجية واحدة من سياسات صندوق النقد العربي.. هل يقوم الصندوق بذلك فعلا؟ وماذا حقق في هذا الاتجاه؟ وهل أنتم راضون عن سياسات وحجم الاستثمارات في الدول العربية الأعضاء في الصندوق؟ يقدم الصندوق المشورة لدول الأعضاء في إدارة احتياطياتها الخارجية، حيث انعكس ذلك باستجابة الصندوق لطلبات عدد من الدول الأعضاء بتقييم وتطوير سياساتها الاستثمارية في إدارة هذه الاحتياطيات، بالإضافة إلى تطوير الكوادر الفنية عن طريق توفير التدريب العملي، وترتيب الندوات المتخصصة لإدارة أموال هذه الاحتياطيات ومخاطرها ضمن برنامج معهد السياسات الاقتصادية التابع للصندوق. كما يقدم الصندوق ملاذا آمنا لأموال الاحتياطيات الخارجية للدول العربية الأعضاء، وقد انعكس ذلك في الزيادة الكبيرة لحجم الودائع التي تلقاها الصندوق من الدول الأعضاء والتي قاربت 9.2 مليار دولار في نهاية عام 2009 ويعكس هذا النمو الثقة المتنامية في الصندوق من قبل الدول الأعضاء. واصل الصندوق اهتمامه بتطوير أسواق السندات العربية، وانعكس ذلك في مستوى وحجم استثماراته في السندات الحكومية وغير الحكومية العربية. وقد بلغ حجم هذا الاستثمار ما يعادل 925 مليون دولار في نهاية عام 2009. بالإضافة إلى قيام الصندوق بدعم الدول الأعضاء عن طريق توفير التمويل بالقروض وتقديم المعونة الفنية بشقيها الاقتصادي والمالي وكذلك تقديم برامج التدريب عن طريق معهد السياسات الاقتصادية، كما واصل الصندوق تقديم دعم عملي وإضافي غير مباشر للدول العربية عن طريق توفير جزء من موارده المتاحة للاستثمار في السندات العربية وكذلك في الودائع مع المصارف والمؤسسات المالية العربية. وبلغ إجمالي قيمة الموارد المستثمرة في السندات العربية وفي الودائع مع المصارف العربية ما يعادل 4387 مليون دولار أمريكي كما في نهاية عام 2009م. مستقبل أسواق المال • أيضا تطوير الأسواق المالية العربية واحدة من الفلسفات التي قام عليها الصندوق.. هل بالفعل قام الصندوق بهذا الدور كما يجب؟ وكيف تنظرون إلى واقع أسواق المال العربية؟ وهل وصلت إلى مرحلة مهمة من الشفافية وحسن الأداء؟ أنشأ الصندوق قاعدة بيانات الأسواق المالية العربية منذ عام 1995، وذلك لرصد ومتابعة تطورات وأداء هذه الأسواق، حيث ترتبط هذه القاعدة إلكترونيا مع جميع البورصات العربية، الأمر الذي ساعد على قيام الصندوق بنشر البيانات والمؤشرات اليومية والشهرية والفصلية عن أداء الأسواق. ويعمل الصندوق على تعميق وتطوير هذه الأسواق من خلال تنفيذ برامج ومبادرات مختلفة، فعلى سبيل المثال، أطلق الصندوق منذ فترة مبادرة لتطوير أسواق السندات في الدول العربية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. كما قام الصندوق بمبادرة لتطوير نظم مقاصة وتسوية المدفوعات والأوراق المالية في الدول العربية بالتعاون مع البنك الدولي، تستهدف الارتقاء بأنظمة الدفع والتسوية ليس فقط أنظمة الدفع التابعة للمصارف بل وأيضا أنظمة مقاصة وتسوية معاملات الأوراق المالية. وبالنظر إلى واقع أسواق المال العربية اليوم، فقد شهدت هذه الأسواق تحسنا كبيرا في السنوات الخمس الأخيرة، في جانب تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية، حيث أقدمت معظم الدول العربية على إنشاء هيئات مستقلة للإشراف والرقابة، وتطوير البنية التحتية لهذه الأسواق، واستخدام التقنيات الحديثة في أنظمة التداول والمقاصة والتسوية وحفظ الأوراق المالية، وكذلك في نشر البيانات والمعلومات. تأخر العملة العربية الموحدة • الهدف السادس والأخير من الأهداف التي تأسس من أجلها صندوق النقد العربي هو «تهيئة الظروف المؤدية إلى إنشاء عملة عربية موحدة».. هل تعتقدون أن هذا الهدف واقعي وقابل للتطبيق؟ وإذا ذهبنا مع المتفائلين فمتى يمكن تحقيقه؟ مارس الصندوق في إطار اتفاقية إنشائه مهمات عدة، من أهمها العمل على دفع التعاون النقدي العربي من خلال دعم مجالات تنمية وتوسيع المبادلات التجارية بين الدول العربية وتطوير أسواق المال العربية، وجعلها أكثر ارتباطا ببعضها البعض، كلها تعمل على تهيئة الظروف المؤدية إلى إنشاء الدينار العربي كعملة عربية موحدة. غير أن التوصل إلى جعل الدينار العربي أساسا لربط العملات العربية، فإن ذلك يتطلب إقدام الدول العربية على تحقيق عدد من المراحل الأساسية كتوحيد نظم الصرف واختيار عملة موحدة للتثبيت أو الارتكاز. وفي واقع الأمر فإن الدول العربية تختلف نظم عملاتها حاليا، فبعضها يرتبط بالدولار وبعضها بحقوق السحب الخاصة، وبعضها بسلة خاصة الأمر الذي يبرز أهمية إعطاء الأولوية إلى تنسيق سياسات أسعار الصرف، وما يصاحبها من تنسيق للسياسات النقدية العربية من أجل تحقيق تقارب في مستوى الأسعار. كذلك فإن جهود التنسيق للوصول إلى وحدة نقدية عربية يشمل أيضا التنسيق في مجالات عديدة أخرى والتوصل إلى تحقيق تقارب حقيقي في مستويات التنمية الاقتصادية بين الدول العربية، مما يجعل تحقيق الوحدة النقدية العربية على غرار الوحدة النقدية الأوروبية هدف طويل المدى يمكن التوصل إليه تدريجيا.