جلس تركي أحمد الزهراني (طالب ثانوية) في زاوية في إحدى قاعات الإدارة العامة للتربية والتعليم في مكةالمكرمة وشرع في كتابة قصة قصيرة. كان واثقا وهو يتحدث إلينا بلغة تفوق عمره بسنوات، فهو قارئ جيد لأغلب أدباء المملكة، يقول: «لدي نهم للقراءات الأدبية والنقدية حيث أقضي الساعات الطوال في قراءة الكتب والقصص، وقد سبق لي أن مثلت إدارة التربية والتعليم في الجنادرية في أمسيات شعرية ولقاءات تربوية ووطنية، لكن ما يضايقني حقا تجاهل بعض المؤسسات الثقافية للشباب، خاصة الأندية الأدبية التي لم تفتح أبوابها لاحتضان مواهبنا ورعايتها وتنميتها ورسم خريطة طريق واضحة لنا، حيث انصرف اهتمام تلك الأندية إلى كبار الأدباء، ما جعلنا نبحث عن من يتبنى مواهبنا فلا نجد أمامنا سوى «الشبكة العنكبوتية». بذلك يلخص تركي معاناة جيل بأكمله، له اهتماماته وتطلعاته الأدبية لكنه لا يجد من يأخذ بيده ويوجه قراءاته في الاتجاه الصحيح ومن يرعى ويحتضن مواهبه. وإذا كان الأديب الراحل نجيب محفوظ ظل الوحيد في ذاكرة العالم العربي، الذي تمكن بجدارة من انتزاع جائزة نوبل العالمية للأدب، ولم يفلح أدباء آخرون حتى الآن في ذلك، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الجائزة ستظل يتيمة في ذاكرة العرب، فهناك أدباء شبان لم تتجاوز أعمارهم سقف العشرين يسيرون في ذات الاتجاه بخطوات واثقة، لم يلههم عن الوصول إلى هدفهم أي مغريات ووسائل ترفيه، بل ظل الإبداع في مجال كتابة القصة القصيرة والرواية محور اهتمامهم، ما جعلهم ينخرطون في ورش عمل تربوية أقامتها الإدارة العامة للتربية والتعليم في مكةالمكرمة لصقل وتنمية مواهبهم الأدبية. ثقافة الإقصاء مريع سعد أبو دبيل (من تعليم منطقة عسير)، تطرق في حديثه إلى «ثقافة الإقصاء»، وقال: يعاني مجتمعنا الأدبي والثقافي من مشكلة «الوصاية» فبعض أدبائنا ينهج نهج «إن لم تكن معي فأنت ضدي» لكن جيلنا سيكون أكثر انفتاحا وتقبلا للرأي والرأي الآخر والنقد، وسنعمل على تغيير الصورة النمطية للأديب مستقبلا. الورش الأدبية أما الطالب عدي سليمان الضالع (أحد طلبة منطقة القصيم التعليمية) يرى أن الورش الأدبية التي تقيمها وزارة التربية والتعليم بين الفينة والأخرى تمثل «حصانة» فكرية وأدبية لهم ويقول: في عصر العولمة والانفجار المعلوماتي بات كل منا يستطيع الحصول على ما يرغبه من معلومات عن أي موضوع بضغطة زر، لكن هذا قد لا يكون الأسلوب الأمثل لتلقي علوم ومعارف أي فن، أجد أن مثل هذه الورشة المتخصصة هي الحصانة المثلى لنا. أدباء تصادميون عبدالله ناصر آل حريد، الذي شرع قبيل حديثه لنا في كتابة قصته الجديدة، قال: نحتاج إلى مزيد من الاهتمام فنحن نحاول جاهدين السير بخطى ثابتة ومستقلة، فقط نحتاج إلى وقفة المجتمع معنا. آفاق جديدة ويؤكد الطالب فهد الحمود (من منطقة القصيم) أن ما تلقاه من تجربة في ورشة العمل التربوية كفيل بصقل موهبته، فقط نحتاج إلى وقفة المجتمع معنا. مدير إدارة نشاط الطلاب في تعليم مكةالمكرمة نجيب بن محمد عبد الفتاح بين أن هذا الملتقى يتضمن دورة عن القصة وورشا نظرية وعملية بمشاركة عدد من كتاب القصة، إضافة إلى مشاركة 36 طالبا وتسعة من المشرفين التربويين وإدارات التربية والتعليم في كل من المدينةالمنورة، الرياض، الشرقية، عسير، بيشة، جازان، حائل والقصيم، موضحا أن الملتقى يعمل على تحقيق أهدافه المتمثلة في المشاركة الهادفة في الحوار، وتنمية شخصية الطالب الفكرية والاجتماعية بما يتناسب وطبيعة المرحلة المستقبلية التي يتهيأ لها، ويعمل على طرح الموضوعات التي تشكل هموما للطلاب، وتدريبهم وتهيئتهم للحياة المستقبلية الجامعية وتعويدهم على مهارات العمل الجماعي من خلال تشكيل اللجان المختلفة وتنفيذ الفعاليات بأسلوب الحوار الحضاري الذي تنشده كافة شرائح المجتمع وإكسابهم تقبل الرأي الآخر، والتنازل عن القناعات الشخصية.