سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لن نسمح للمتطرفين باختراق تعايشنا والإسلاموفوبيا هرطقة غربية يؤكد نهج الرياض وكوالالمبور في استنباط حلول لأزمات المنطقة .. رئيس الوزراء الماليزي ل عكاظ :
أقر رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب تون عبدالرزاق أن الرياض وكوالالمبور مؤهلتان للعب دور قيادي بارز لاستنباط حلول لقضايا الأمة الإسلامية المستعصية، وتعزيز التضامن لدولها عبر آليات حسم عادل وشامل للصراعات والأزمات في المنطقة. وأكد عبدالرزاق في حوار موسع مع «عكاظ» في قصر المؤتمرات في جدة البارحة الأولى أن ماليزيا تعمل على نحو وثيق حيال رسم استراتيجيات مشتركة مع المملكة، توطئة لصياغة توافق مرض ودائم للقضية الفلسطينية، وإنشاء كيان الدولة وعاصمتها القدس. واسترسل: «من المهم توحيد الجهود بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وإرسال رسالة للعالم أن الدول الإسلامية متحدة ومتضامنة، وبلورة مساع ذات إرادة، لها صبغتنا تذيب خلافاتنا جانبا في مواجهة أعداء الأمة». وأشار أن بلاده لن تسمح لأية جهة باختراق ونسف جهود التعايش السلمي للشعب الماليزي، جازما أن الحكومة لن تغض الطرف عن أعمال عنف ترتكب ضد معتنقي الديانات الأخرى. وأردف أن الشعب الماليزي يؤمن بالوحدة الوطنية والاحترام المتبادل بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة في بلاده، وأن التنوع العرقي والتعايش السلمي يشكلان حجر الزاوية في ماليزيا لحقب طويلة، وفي ثنايا الحوار: • بداية، دولة رئيس الوزراء كيف يمكن للرياض وكوالالمبور أن توحدا جهودهما لاستنباط حلول للقضايا المزمنة والمستعصية التي تعاني منها الأمة الإسلامية، خاصة وأن ماليزيا ظلت، تقليديا ،في الخطوط الأمامية لدعم القضايا الإسلامية، ولكننا شهدنا أخيرا أنها أولت الاهتمام للشأن الداخلي إلى أي التفسيرات يعزى هذا التوجه؟ حسنا، دعني أجب على الشق الأول من السؤال، أعتقد أن كلا البلدين يتمتعان بعلاقات استراتيجية في جميع الميادين، وسياساتهما تتطابق حيال كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أن البلدين يضطلعان بدورهما كاملا في ما تتعلق بتعزيز التضامن الإسلامي، وإيجاد حلول عادلة وشاملة للصراعات والأزمات الناشئة، وهما دائما في حالة استعداد، للقيام بما يمليه عليهما ثقلهما، وتحمل المسؤوليات ضمن الخريطتين الإسلامية والدولية، فضلا عن السهر على مصالح الأمة في جميع أنحاء العالم، لأن بلدينا ملتزمان بالمبادئ والقوانين والأعراف والشرعية الدولية. حقيقة، إن العالم يكن احتراما كبيرا للمملكة، إذ تعتبر بلدا استراتيجيا مهما وعمقا جوهريا للدول الإسلامية، وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استطاع أن يصل بالمملكة إلى أعلى مصافات العالمية، إذ يحظى باحترام وتقدير كبيرين في العالم الإسلامي وخارجه. وماليزيا تعتبر دولة إسلامية معتدلة وتقدمية، مع سجل حضاري ناصع في التنوع الديني والعرقي، ولديها صلات ممتازة مع بقية العالم بسبب هذا التنوع الإثني الفريد ونتيجة الجهود التي بذلناها على مدى سنوات عديدة في سبيل المساهمة في الأمن والسلام العالميين. كما أن بلادنا تحافظ على شبكة علاقات دولية جيدة ولهذا نحن نعمل مع الرياض على نحو وثيق، لاستحداث استراتيجية مشتركة للمساعدة في صياغة حلول عادلة وشاملة لقضايا الأمة، خاصة القضية الفلسطينية وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. أما بالنسبة لاهتمام كوالالمبور بالشأن الداخلي، فإننا نولي أهمية للوضع الداخلي، ولكننا في ذات الوقت حريصون على فتح آفاق التعاون في المحيط الإسلامي، بجانب السعي لإيجاد حلول لقضاياه المستعصية، وأعتقد أن المملكة وماليزيا تمتلكان كل المقومات والوسائل للدفاع عن قضايا الأمة، والمهم هو توحيد الجهود بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وإرسال رسالة للعالم أن الدول الإسلامية متحدة ومتضامنة، والسعي لوضع خلافاتنا جانبا لمواجهة أعداء الأمة. حادث منعزل • شهدت ماليزيا حدثا استثنائيا، وهو الخلاف على استخدام كلمة لفظ الجلالة الله من قبل المسيحيين في ماليزيا، مما أسفر عن حرق 10 كنائس، والتي اعتبرت حادثة خطيرة، قد تنبأ بحدوث اختلال في التنوع والتوازن العرقي ..هل تعتبرون الحادثة بداية لمزيد من أعمال التطرف أم أنها حادثة معزولة؟ بادئ ذي بدء، أود أن تصحح معلومة، إن كنيسة واحدة فقط تعرضت للاحتراق في جزئية المبنى الإداري منها، أما الكنائس الأخرى، فالحريق كان بسيطا، وفي اعتقادي أن ماحدث يعتبر حادثا منعزلا، ولاتعتبر تورطا واسع النطاق من جانب الشريحة الإسلامية الماليزية والتي يعتبر الأكبر في الهجوم على الكنائس. وأؤكد لكم أن الوضع في ماليزيا تحت السيطرة، بسبب التدخل المبكر للحكومة لاحتواء الأزمة وإلى تهدئة سريعة للأجواء. وكما تعلمون، أن الغالبية العظمي في ماليزيا هم من المسلمين، وشعبنا مسالم ومحب للسلام باعتدال. كما أن الحكومة لن تتغاضى عن أية أعمال عنف ترتكب ضد أتباع الديانات الأخرى، وأعمال العنف والتطرف تعتبر ضد تعاليم الإسلام. ونحن كمسلمين يتعين علينا أن نحترم الأديان الأخرى. وفي الحقيقة، هناك عدد كبير من المسلمين يعملون في المنظمات غير الحكومية، ساعدوا في حماية الكنائس من تعرضها للهجوم، وأجروا مفاوضات مطالبين الجميع تجنب الخلافات. كما أنني زرت الكنيسة التي تم إضرام النار فيها، وأعلنت الحكومة عن مساهمتها في إصلاح الكنيسة، وبذلنا جميع الجهود في تهدئة الوضع، ونحن نرى أنه يجب إشراك المجتمع المسيحي في الحوار والسعي إلى حل مقبول للطرفين. التنوع الإثني • هل ماحدث يعكس أن هناك جذورا للتطرف تحت الرماد؟ لا أعتقد ذلك إطلاقا، ماجرى هو انحراف طفيف، لأن الشعب الماليزي يؤمن بالوحدة الوطنية والاحترام المتبادل بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة. والتنوع العرقي والتعايش السلمي يشكلان حجر الزاوية في بلادنا لحقب طويلة، ولن نسمح لأي جهة باختراقه ونسف جهود التعايش السلمي، ومنذ أن توليت منصب رئيس الوزراء في أبريل الماضي طرحت شعار ماليزيا أولا، وهو مفهوم فلسفي يجسد الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين كل الطوائف والأديان في البلاد. نستغرب التحذيرات الأمريكية • دولة رئيس الوزراء، السفارة الأمريكية في كوالالمبور أصدرت أخيرا بيانا تحذر فيه من السفر إلى ولاية صباح، متوقعة هجمات إرهابية على الأجانب. مامدى جدية هذا التهديد، وما هي الإجراءات الأمنية التي اتخذتها حكومتكم لمكافحة الإرهاب؟ أندهش تماما من فحوى تحذير السفارة الامريكية، ونحن نستغرب مثل هذه التحذيرات، وليس لدينا معلومات ذات صدقية حيال هذه التهديدات المزعومة. وإذا كان لدى الأمريكيين أية معلومات أمنية، عليهم أن ينقلوها لنا ويحددوا نوعيتها، وطبيعتها ودرجتها، حتى نتمكن من التصدي لها. وأعتقد أن هذه التحذيرات ليس لها أساس من الصحة، ونحن لدينا إجراءات واستراتيجيات وقائية للتعامل مع ملف الإرهاب. ولا أعتقد أنكم سمعتم بحدوث أعمال إرهابية في ماليزيا. • في الملف الاقتصادي، ما هو تأثير انهيار الاقتصاد الدولي على بلادكم، وماهي الاستراتيجيات التي وضعتموها للتعامل مع أزمة مماثلة في المستقبل؟ حسنا، إن الأزمة الاقتصادية بدأت أساسا في الولاياتالمتحدة، وجرى تصديرها إلى الخارج، وليس هناك بلد في العالم بما في ذلك ماليزيا، لم يتأثر بهذه الأزمة، وأعتقد أننا في ماليزيا لم نتأثر كثيرا بتداعياتها باعتبارنا خضنا تجربة الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، وتعلمنا دروسا كبيرة منها، وأدركنا أن من أهم الاستراتيجيات للتعامل مع أية أزمة اقتصادية التأكد من أن لدينا نظاما ماليا ومصرفيا قويا، وهذا في الواقع ماقلل من وقع الأزمة على بلادنا لعدة أسباب منها، أن لدينا كما قلت نظاما مصرفيا وماليا مرنا وقويا، كما أن هناك سيولة عالية، بالإضافة إلى أننا تحركنا بسرعة كبيرة من خلال تقديم حوافز مالية، بيد أن قطاع الصناعة التحويلية هو القطاع الوحيد الذي تأثر بالأزمة، هذا، ولدينا استراتيجيات اقتصادية جديدة تحسبا لأية مفاجآت. ماليزيا اليوم مختلفة عن الأمس • ماليزيا مهاتير وبدوي، تختلف عن ماليزيا اليوم، ما هي رؤيتك لماليزيا المستقبل؟ حسنا، أنت محق، فماليزيا الحالية هي ماليزيا الجديدة. فالشعب اليوم أكثر تقنية وأكثر تعليما وأكثر انفتاحا بسبب ثورة الإنترنت والمعلومات. ورغم ذلك فإننا نتعامل مع أوضاع أكثر تعقيدا بسبب طموحات وتوقعات الشعب الكبيرة، وهو ما يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لي. فأنا أعمل في بيئة سياسية جديدة بالمقارنة مع أسلافي، وبطبيعة الحال، خلال حقبة عبدالله بدوي عايشت ثورة الإنترنت ووسائط الإعلام الجديدة، لكن في حقبة مهاتير، هذه الثورة لم تكن متوافرة بهذا الزخم. ولهذا، فإنني أسعى إلى التغيير، لأن كل قيادة جديدة ترغب في إحداث تغيير في نمط الإدارة والقيادة، والشعب ينتظر مني أفكارا جديدة ومناهج واستراتيجيات جديدة نسعى لتحقيقها. فلسفة التغيير • ما هو نوع التغيير الذي تنشدونه؟ في الحقيقة، لقد بدأت منذ تقلدي منصب رئيس الوزراء طرح شعار ماليزيا الجديدة، وهذا الشعار فيه فلسفة توجيهية، بصرف النظر عن البرامج المختلفة التي سأطرحها في مجالات معينة، مثل مكافحة الجريمة والفساد، وإحداث نقلة نوعية في النقل، التعليم، البنية التحتية الريفية، رفع مستوى الدخل وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، لأن أسلوبي في القيادة طرح الأفكار الإبداعية الجديدة التي تساهم في رفع الوعي والمستوى الفكري والاجتماعي. إسلاموفوبيا • ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه بلادكم لتحسين صورة الإسلام في الغرب، وما يسمى بالإسلاموفوبيا، على اعتبار أن ماليزيا دولة معتدلة، وتعتبر مثالا يحتذى به في التعايش الإثني السلمي؟ أعتقد أن السبيل إلى الوصول إلى ذلك الهدف، يتم عبر التواصل الدائم مع العالم بمختلف أطيافه وألوانه والتعرف على ثقافة الآخر، وجعل الآخرين يفهمون تعاليم الإسلام الحقيقية السمحة والمبنية على الاعتدال والوسطية والتعايش السلمي والإسلاموفوبيا تجنٍ غربي. ونحن في ماليزيا نقدم أنفسنا من هذا المنطلق، والذين يزورون ماليزيا يشاهدون طبيعة المجتمع المفتوحة وعلاقة المسلمين وغير المسلمين، قد يكون هناك قليل من الأغنام السوداء، وقد يكون هناك انحراف طفيف، لكننا نحن نسعى دائما على حماية حقوق غير المسلمين، كما أننا نتواصل مع العالم الغربي ونسعى جادين لتوضيح صورة الإسلام الصحيح البعيد عن الإرهاب. «كاوست» نموذج للتعايش السلمي العالمي • هل هناك تنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي في هذا الصدد؟ هناك تنسيق عال مع المنظمة لخلق حوار إيجابي من أجل التوصل إلى فهم أفضل للإسلام في الغرب وإزالة المفاهيم الخاطئة في المجتمع الغربي. وأعتقد أن إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في ثول، التي زرتها أمس الأول، هي إحدى الوسائل الاستراتيجية لتوضيح صورة الإسلام الذي لايسعى للانغلاق، بل يريد أن يفتح آفاق التعاون مع العالم، وهذا يعكس توجه الملك عبدالله الذي يرغب في الوصول إلى العالم عبر إرسال رسائل للجميع أن الإسلام هو دين السلام، وأؤكد أن «كاوست» هي نموذج عالي المستوى لتحقيق هذا الهدف، والذي تمكنت المملكة من الوصول إليه بكل اقتدار، ويعتبر نموذجا عالميا وصرحا للعلم ينطلق من دولة تؤمن بالتعايش السلمي ودشنت حوار الأديان في العالم. • ماهو مستقبل السياحة في ماليزيا، وهل هناك ازدياد في أعداد السياح السعوديين؟ بداية، نحن نرحب بالسياح السعوديين، والذين يقضون إجازاتهم في بلدهم ماليزيا، ونحن نأمل أن تزداد أعدادهم في المستقبل، ونحن لانألو جهدا في رفع مستوى البنية التحتية للسياحة، لأن لدينا مجالات واسعة لثقافة السياحة، سواء الحياة البحرية والغابات الاستوائية والمواد، بالإضافة إلى السياحة الطبية التي هي في ارتفاع كبير في ماليزيا، ومانأمله أن يستفيد السائح من التجربة الماليزية في التسامح والتعايش السلمي.