سؤال يطرح نفسه وربما يطرحه الآخرون هذا السؤال هو: هل كانت أفراحنا فيما مضى أحلى أم هي أحلى في الوقت الحاضر؟ أنا شخصيا سأحتكم إلى المقارنة بين الزمنين. سأعود بذاكرتي قليلا إلى الوراء، وأدعو معي الآخرين ممن هم من فئات سنوات عمري لاستعادة بعض أشرطة ذاكرة الماضي بمخزونه الحياتي والوجداني إلى ما قبل استئجار قصور الأفراح واستقدام «الطقاقات» والمغنيات وتأجير السيارات المزركشة بالأشرطة اللامعة التي استحدثتها مبتكرات العصر وفنيات التجميل. لن أتحدث عن مراسم الأفراح بشكل عام في عموم أرجاء هذا الوطن الذي تترامي أطرافه على مساحة شاسعة من الأرض بمختلف تضاريسها ومناخاتها وعاداتها وتقاليدها وطقوسها التي توارثتها الأجيال بعد الأجيال وتعاقبت عليها الأزمنة بعد الأزمنة. سوف اختصر جغرافية ذكرياتي في هذه المنطقة منطقة جازان التي عشت فيها ونشأت على ثرى إحدى جزرها جزيرة فرسان وعايشت طباع أهلها وعاداتهم وتقاليدهم في مناسباتهم المختلفة التي تعتبر مناسبات الأفراح واحدة منها عندما كان أهل الشاب المقدم على الزواج وأصحابه ومعارفه يجندون أنفسهم لخدمته ويبتهجون بمناسبته وكأن كل واحد فيهم هو المعني بالأمر.. المنازل المتجاورة تفتح جدرانها بعضها على بعض لتصبح حوشا واحدا يتسع للمدعوين والمشاركين.. ليالي العرس تشتعل بالغناء والرقص الشعبي في فنون متعددة: الزيفة، الزامل، الدانة، السيفي.. وتنفرد مدينة «جيزان» بغناء ورقصات «الكاسر» على أنغام «السمسمية» وإيقاع «الطبل» العنيف حتى ساعات متأخرة من الليل. أما النساء فلهن أغانيهن ورقصاتهن الخاصة في يوم «المخموس» وهو اليوم الذي تزين فيه العروس على يد «المقينة» حيث توضع على رأسها الأطياب والنباتات العطرية التي تختص بها منطقة جازان: الكاذي، البعيثران، الريحان، الوزاب، المغيبرة، و«كباش الفل» التي تتدلى على الأعناق، ونقش الخضاب اليماني على الأكف والمعاصم والأقدام.. وفي ساحة دار العرس المسورة بالجدران العالية تنطلق الفرحة من حناجر الغانيات زغاريد وتراحيب وأهازيج: «واحنا سرينا على شانكم طير السعادة يشا داركم» وبفرحة عارمة وابتهاج مفرط ممزوج بلوعة الفراق على العروس التي ستنتقل إلى حياة جديدة يودع أهل العروس عروسهم: «قمري شل بتنا.. قمري شلها وراح.. قمري راح بها المراح».. سقى الله أيام زمان والعقبى لكم قرائي الأعزاء بالمسرات. للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة