العدوان على غزة لم يقتصر على الشهداء من الأطفال والنساء، ولا على الإعاقات الجسدية التي خلفتها، وإنما طال الأرض والتربة أحد مقومات الحياة الزراعية الضرورية في القطاع، إذ أصدر خبراء ومختصون في مجال البيئة والزراعة شهادة وفاة لتربة وبيئة غزة، كما حذروا من الآثار الكارثية للحرب الإسرائيلية على التربة والبيئة الفلسطينية، مؤكدين أن القنابل والأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على غزة أدت إلى حرق التربة وإفقادها خصوبتها ورفعت من نسبة الإشعاع والمواد الكيماوية الثقيلة فيها. وفي تقرير بعنوان «تدهور بنية وخصوبة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، أكد أن المناطق الزراعية التي تعرضت لعمليات القصف لم تعد صالحة للزراعة، وخاصة مناطق شمال قطاع غزة في بلدات بيت لاهيا، بيت حانون وجباليا، هذه المناطق التي كانت تعتبر سلة غزة من الخضار والفواكه، وتشتهر بإنتاج فاكهة الفراولة والزهور التي كانت تصدر إلى أوروبا، إذ تعرضت هذه المناطق لقصف شديد من قذائف الفوسفور الأبيض، والقنابل التي تحمل كميات من اليورانيوم المنضب ومادة «الدايم» والغازات السامة. هذا بالإضافة إلى أن الحصار الإسرائيلي المشدد لقطاع غزة أدى إلى إيقاف محطات معالجة المياه العادمة، مما أثر على البيئة البحرية والأسماك بشكل كبير، حيث تضخ المجاري في البحر دون معالجة، موضحين أن المياه العادمة تحمل أمراضاً وفيروسات ومواد كيماوية خطيرة جدا. وقال الدكتور عبدالفتاح عبدربه، أستاذ العلوم البيئية في قسم الأحياء في الجامعة الإسلامية: «إن الدولة العبرية في حربها على غزة دمرت وأحرقت البيئة الزراعية باستخدام أسلحة محرمة دوليا». وذكر عبدربه أن الأسلحة التي استخدمت في حرب الشتاء الماضي دمرت نسيج التربة والتربة العلوية للأرض التي تحتاج لسنوات طويلة لتتشكل. وأكد على أن الحرب أثرت بشكل خطير على البيئة وجعلت الأراضي الزراعية معرضة للتصحر، وفقدان خصوبتها بصورة أسرع، مبينا أن إعادة تأهيل التربية بحاجة إلى تكلفة عالية جدا، وشدد على أن العدوان الإسرائيلي أثر بشكل خطيرة على التنوع الحيوي في غزة، خاصة بعد أن مات 35 ألفا 750 حيوانا، موضحا أن الخسائر الزراعية المباشرة وغير المباشرة للحرب بلغت نصف مليار دولار. وحذر عبدربه من إلقاء ركام البيوت المدمرة في البحر، مشيراً إلى أن ذلك يلوث المياه ويؤثر على الأسماك وصحة المواطنين الذين قد يتناولونها.