صديقي.. في نهاية هذا اليوم «الخميس» ستنتهي السنة الميلادية، وسيحتفل العالم بنهاية السنة، وحين تبقى عشر ثوانٍ قبل أن تشير الساعة إلى نهاية العام في كل مدينة، سيبدأ سكان تلك المدينة بالعد التنازلي، وما أن يقول سكان كل مدينة حسب الخطوط الطولية للأرض «زيرو»، حتى تطلق الألعاب النارية ويبدأ السكان بممارسة الضحك حد القهقه، متمنين أن تكون السنة القادمة أجمل من السابقة، أو هم يستقبلون العام الجديد بمفهوم «تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحققا». وكنت إن صادف انتهاء العام وأنا في الخارج، أذهب لساحة الألعاب النارية، وأعد مع من يعد حين تشير الساعة أنه لم يبق إلا عشر ثوانٍ ويمضي العام القديم، وأفرح مثل الياباني والهندي والأفريقي والأوروبي والأمريكي الشمالي والجنوبي، ومثلهم لا أهتم بالسؤال عن معتقداتهم وهل ذاك هندوسي أو بوذي أو مسيحي أو يهودي أو ملحد، لأنهم هم أيضا لا يسألون عن معتقد أحد. أول مرة فعلت هذا مع سكان طوكيو، عدت لغرفتي بالفندق بعد أن مسني الفرح، صليت ركعتين، ودعوت الله أن يجعل هذا العام أفضل من الذي سبقه، وأن ينصر المظلوم على الظالم، وليس مهما ما هو معتقد المظلوم والظالم، قبل أن أنام تأكدت أن ذاك الفرح لم يؤثر في عقيدتي، فعقيدتي لا تعادي الفرح. في ذاك الصباح كانت الوجوه على الإفطار فرحة، حتى النادل لم يكن وجهه محايدا ككل يوم، فقد استقبلني بابتسامة وانحناءة صغيرة وهو يقول: «أتمنى لك سنة سعيدة». لست أدري لماذا لا نقيم الاحتفالات هنا ولو بنهاية العام الهجري، فالبدعة كما أفهمها أنا مرتبطة بابتداع عبادة جديدة أو تغيير بالعبادات، ولا دخل لها بابتداع فرح جديد يمس قلوب الحزانى؟ ولماذا لا نبتكر أمورا تساعد على الفرح والتفاؤل بعام أجمل، تخيل لو أن هذا حدث في نهاية العام الهجري بجدة تحديدا، بعد كل ذاك الحزن الذي أصاب أهلها، ألا يستحقون أن نبتكر لهم مناسبة، تدفعهم للفرح للتفاءل لقتل الحزن؟ يحزنني يا صديقي حين أقرأ تصريحا لوكيل إحدى الجامعات وهو ينفي ما تردد عن احتفال إحدى كليات البنات برأس السنة الميلادية، كما فعل وكيل جامعة الطائف حين أكد أن هناك أكثر من 50 مراقبة يعملن بشكل يومي للتدقيق ومنع أي تجاوز مرفوض، وأن المراقبات الخمسين لم يبلغن بوجود أي تجاوزات، أي بوجود أية حالة فرح. يحزنني أكثر تصريح مديري فروع الهيئة وهم يؤكدون أن الهيئة تعمل على التحقق من أي بلاغ يردها بعد توثيق مصدره، ومن ثم التأكد من صحته لمعالجته، وأنهم يراقبون الأمر بدقة لمنع الفساد، أعني منع الاحتفالات والفرح. تخيل يا صديقي لو أن المؤسسات الرقابية تراقب الفساد كما الفرح، أظن لن تغرق جدة. أليس غريبا أن يتم مراقبة الفرح لهذا الحد، فيما الفساد لا أحد يراقبه، لهذا تغرق المدن التي يطارد رجالها الفرح، كما يغرق سكانها بالخوف كلما مسهم الفرح قالوا : «اللهم اجعله خيرا»، وكأن الفرح بالأصل شر لهذا نتعوذ منه. ترى متى تعلمت مدننا أن الفرح رجس يجب مراقبته، وأن على سكانها أن يجتنبوه؟ التوقيع: صديقك S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة