ويتحدث حمدي بن حمزة الصريصري الجهني في كتابه ( الإدارة الإسلامية الرشيدة ) عن الإنسان ودوره في الحياة فيقول : إن الإنسان المؤمن باليوم الآخر حقا يحمل بين جوانبه عادة آلية للرقابة الذاتية على سلوكه وأعماله، وهذه هي أعلى مراتب الرقابة التي توصلت الأبحاث أخيرا إلى أنها أفضل أنواع الرقابة في مجال الأعمال والنشاطات الإنسانية المختلفة، وليس هناك أقوى من الإيمان باليوم الآخر ما يرسخ هذا النوع من الرقابة الذاتية في نفوس البشر . ومن خصائص هذا النوع من الرقابة هو أنها ذات بعد أخلاقي، ومحررة من مظاهر الزيف والنفاق والتظاهر، ومن خصائصها أيضا أنها وقائية المنطلق والتأثير . فالمدير أو العامل أو الموظف الذي يرجو لقاء ربه وقد ثقلت موازينه بالحسنات والأعمال الصالحة، يتحمل مسؤوليته في تحقيق الأهداف وأداء الواجبات، وصيانة الموارد وحسن استثمارها ، ويراعي في تصريف شؤونه وتدبير قراراته مباديء المناهج التي شرعها الله وأمر باتباعها. إن مثل هذا الإنسان يشيع في بيئة العمل من حوله جوا مفعما بالعلاقات الإنسانية الطيبة، ويعطي نموذجا في الاتقان والإنتاجية العالية، فهو لا يألو جهدا في السعي إلى مزيد من العلم والمعرفة لتطوير مهاراته بغية أداء واجبه على أحسن ما يكون الأداء، وذلك أملا في حب الله ورضاه، واستجابة لقول الرسول الكريم : «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه». كما أن مثل هذا المؤمن لا يبخل في مساعدة الآخرين على أداء وإتقان أعمالهم ولا يبخل في نقل معرفته وعلمه إليهم، كل ذلك من أجل زيادة حسناته، فالحسنات لا تقتصر على أداء الفروض والتكاليف الدينية فقط، ولكنها تتحقق من خلال كل ما يحقق الخير والصلاح، وللرقابة الذاتية الناشئة عن حرص الإنسان على لقاء ربه يوم الحساب وقد ثقلت موازينه بالحسنات مردود اقتصادي كبير، فهي تغني إن أحسن توجيهها عن الكثير من أدوات الرقابة العادية التي تكلف الكثير من المال والجهود ، والتي تتطلب العديد من الأساليب والأنظمة المتعلقة بالرقابة الإدارية المتعارف عليها في ميدان الأعمال المختلفة.. وأخيرا فإن للإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى مدلولات وتأثيرات كبيرة فيما يباشره الإنسان في حياته الدنيا، فالإيمان بالقدر لا يعني الجمود بل يعني الحركة والسعي، وهو لا يعني التواكل أو التمني على الله الأماني، لكنه يعني العمل بجد ودأب وإخلاص وتوكل على الله في إطار ما أنزله الله من تشريعات وأحكام ومفاهيم، فإن أصاب الإنسان وحقق ما يسعى إليه فهذا فضل من الله وتوفيقه، ووفقا لقدره ومشيئته، فيكون في ذلك ما يشد أزره وإيمانه ومتابعته في السعي والعمل. وإن أخفق الإنسان بعد بذل ما في استطاعته، فإن ذلك لا يجب أن يفقده صبره وإيمانه ، بل يجب أن ينظر إلى ذلك على أنها مشيئة الله وحكمته، فقد يكون الفشل ناشيئا من تصور أو خلل في السلوك أو نتيجة للانحراف عن أسس التشريعات والمناهج التي قدرها الله، أو قصور في إدراك مضامينها، وفي ذلك دعوة لمزيد من الدراسة والتمحيص والعظة، فكم من فشل كان سببا في نجاح دائم ومستقر ، وذلك في حالة اخضاع أسباب الفشل للدراسة والتمحيص، والله تعالى يقول : ( فعسى أن تكرهوا شيئا وجعل الله فيه خيرا كثيرا). آية : يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة يونس : ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ). وحديث : روى الإمام الترمذي بإسناده عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك مما في يد الله). شعر نابض : لأمير الشعراء أحمد شوقي قوله : نبي البر ، بينه سبيلا وسن خلاله وهدى الشعابا وكان بيانه للناس سبلا وكانت خيله للحق غابا وعلمنا بناء المجد حتى أخذنا إمرة الأرض اغتصابا ومانيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة