عزيزي .. أنا امرأة بمواصفاتكم الخاصة «عانس مع مرتبة الشرف» لاقترابي من الأربعين إلا قليلا، لست قبيحة، وموظفة ولدي ثروة صغيرة، ستساعدني على العيش في أرذل العمر دون أن أمد يدي لأحد، أو أنتظر إعانة الضمان الاجتماعي والتي عادة ما تكون أقل من الألف. كيف يمكن لامرأة العيش ب 900 ريال شهريا، وعليها أن تدفع أجرة البيت والكهرباء وتأكل، ولا تتسول؟ هذا السؤال سيأخذنا لقضايا عامة وكبيرة، وأنا أود الانغلاق على مشكلتي الخاصة جدا والأنانية جدا إن أردت، لهذا سأكمل ما بدأته. حسب المواصفات للرجل السعودي أنا ناجحة براتبي «الذي يوازيه إن لم يفقه» وقربي من الجمال أكثر من العادية، هذه المواصفات في التسعينات الميلادي فرضتها الرواتب، فلم يعد الموظف العادي قادرا على فتح بيت وحده كما في السابق، ليحضر جارية تخدمه وتطبخ له وإن مل منها تزوج عليها. ومع هذا مازلت عانسا بإرادتي، ربما الحياة التي أعيشها ساعدتني على أن أتخذ هذا القرار، فوالدي أرهقته الحياة منذ زمن بعيد لهذا رحل، ولم يبق أحد سوى أمي وأنا، وكان رحيله كأنه مرتب، فقد ذهب بعد تخرجي، وكأنه انتظر أن اعتمد على نفسي وأعيل حبيبته أمي قبل أن يرحل. عشت وأمي حياة متوسطة، فدخلي كان يكفينا ويفيض، ذات مساء أخبرتني أمي أن هناك امرأة قادمة لزيارتنا، وأنها تريد رؤيتي. في البداية لم يرق لي الوضع، ربما هذا الشعور بسبب استقلالي المادي، فحين لا تحتاج لأحد وتستقل اقتصاديا ستنظر لنفسك باعتداد وفخر، ومع هذا قبلت أن أخوض تجربة هذا اللقاء الأول والأخير. فتلك المرأة التي جاءت تتفحصني لتعطي الموافقة الأولية لقبولي قبل أن يأتي القرار النهائي من ابنها، لم تحترم إنسانيتي، فهي كانت مرتابة وتريد تفحصي بدقة وكأني سلعة عرضت للبيع، والبائعة أمي قد تغشهم. منذ ذاك اليوم رفضت فكرة أن أكون سلعة تأتي الأم لتعطي موافقتها الأولية قبل أن أحصل على الموافقة النهائية، ولم أعد أقبل استقبال أحد، على مضض وافقت أمي لأن حبها أقوى من أن يخضع لسلطة «البنت مالها إلا بيت زوجها». فيما بعد أضفت سببا آخر لاستمراري بهذه الحياة، فصديقتي التي تعمل معي والمتزوجة، عشت معها تجربتها القاسية في أوائل القرن الجديد، فزوجها جاء ليهدد المستشفى بأن لا يسمحوا لها بالعمل، وكان يحق له أن يمنعها من العمل، وعلى المستشفى الرضوخ له، لهذا قرر المدير أن يمنحها شهرا إجازة لتحل مشكلتها وإلا سيضطر لفصلها حتى لا يسبب لهم زوجها مشكلة قانونية. بعد شهر عادت حزينة ومغبونة، لأنها ورغما عنها وافقت على أن تعطي زوجها نصف الراتب مقابل أن يسمح لها بالعمل، على ألا تطلب منه شيئا لاحتياجاتها الخاصة. بين السبب الأول والثاني كان هناك تكثيف لسبب ثالث، بألا تثق الفتاة بالرجال لأنهم ذئاب بشرية، لهذا لا يمكن للمرأة أن تعيش حياة طبيعية، وأن عليها أن تقبل بفكرة أن تأتي امرأة لتجري فحصها المبدئي قبل أن تجتاز الفتاة الكشف النهائي. ومضى بي العمر إلى أن أصبحت واقفة على بوابة الأربعين، امرأة عنيدة ورافضة فكرة أن تكون سلعة للعرض، وسأدخل بوابة اليأس، لست نادمة على ما فعلت، ولكن ألا تتفق معي بأن المرأة هنا تستحق حياة أخرى غير هذه لتعيش؟. التوقيع: عانس S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة