إلى وقت ليس بعيدا وما زال، يواجه اليمن ومجتمعه المدني أزمات أمنية وسياسية، تتمثل في حرب يقودها الجيش وأجهزة الأمن الداخلي ضد الإرهاب وعناصره وتنظيماته. وليس الأمر خافيا هنا، فملفات مفتوحة عناوينها عدة ومحورها واحد وهو أمن البلاد واستقراره، بدءا من الحوثيين مرورا بملاحقة قيادات وعناصر تنظيم القاعدة وأخيرا دعوات انفصال الجنوب يقودها نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض من منفاه في الخارج. اليمن، البلد الذي يوصف بأنه عمق استراتيجي في جنوبي الجزيرة، يعاني من فقر وبطالة وشح الموارد الطبيعية، وجد نفسه أن الوقت حان لانتفاضة في وجه تنظيم القاعدة الإرهابي، فوجه إليه ثلاث ضربات أمنية متزامنة في أبين وصنعاء ومديرية أرحب. الإنجاز الأمني الذي يوصف بأنه غير مسبوق، بدأ بتوافر معلومات أمنية وربما استخباراتية، عن تخطيط التنظيم تنفيذ هجمات انتحارية وعمليات تفجير تستهدف منشآت وسفارات أجنبية، هدفها إحداث فوضى لتعميق مشكلاته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية أيضا. ما حدث أن اليمنيين استفاقوا صبيحة الخميس الماضي على أنباء ضرب معاقل ومخابئ ومعسكر للقاعدة ومهاجمة مواقع كانت تتواجد فيها قياداته وعناصرها الخطرة، فقتل من قتل واعتقل من تسنى القبض عليه. ولأهمية الضربات الاستباقية الثلاث ليس على اليمن فحسب، بل على محاربة الإرهاب، تلقت القيادة السياسية في صنعاء مباركة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتبعه الرئيس المصري حسني مبارك أيضا، على إنجاز قوى الأمن اليمنية. بالنسبة للسعوديين، كانت أنباء الضربات الاستباقبية تمثل لهم سؤالا هاما، حول مصير مطلوبين قياديين في قائمة ال 85 والتي سبق لوزارة الداخلية أن أعلنتها في الثالث من فبراير الماضي، فتنظيم القاعدة في اليمن الذي يتزعمه اليمني ناصر الوحيشي «أبوبصير»، يضم قياديين في مقدمتهم نائب أمير التنظيم سعيد الشهري الملقب ب «أبوسفيان الأزدي»، إضافة إلى منظر التنظيم إبراهيم الربيش الذي ظهر في تسجيل صوتي في سبتمبر الماضي يبرر فيه المحاولة الفاشلة لاغتيال سمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في رسالة مكتوبة حملت عنوان «لماذا محمد بن نايف». مع الإشارة إلى أن هذه الرسالة الأخيرة يعتقد المراقبون أن مضامينها تشبه منهج الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. ومن المنطقي الإشارة هنا إلى أن عشرات السعوديين سواء ممن أدرجوا في قائمة المطلوبين ومنهم من تسلل خلسة لأراضي اليمن بعد تجنيدهم حديثا، ارتموا في أحضان قاعدة الجهاد ووجدوا في كهوف اليمن ومغاراتها حضنا دافئا يتحينون الفرصة للقيام بعملية إرهابية هنا أو هناك، يحرضهم في ذلك معتقدات فكرية منحرفة تؤكد لهم أن المصير هو الجنة، وهو ما أكدته رسائل ضبطتها قوى الأمن اليمنية بحوزة شباب صغار قتلوا واعتقلوا تدعوهم للحاق بمن سبقوهم لدخول الجنة. إذا كان الأمن اليمني قد نجح في توجيه ضربة أمنية أجهضت من خلالها مخططات القاعدة وأفشلت مشاريعها الإجرامية، فإنه في الوقت نفسه وخصوصا في هذه المرحلة الدقيقة، مطالب بأن يواصل ضرباته لتقليم أظافر قاعدة الجهاد واقتلاعها. ولا جدال هنا أن اليمن لن يقف وحيدا في هذه المعركة، فدول جواره وفي مقدمتهم المملكة ستكون الداعم والمساند في حملته على الإرهاب وفلول تنظيم القاعدة المجرم، فالموقف السعودي المتضامن مع صنعاء كان صريحا منذ البداية، وأبلغه مسؤول أمني سعودي كبير ل «عكاظ»: إن المملكة تقف مع الأشقاء في اليمن في كل ما يتطلبه العمل على محاربة الإرهاب والقضاء على القاعدة، ذلك أن المملكة ليست بمنأى عن أهداف قاعدة الجهاد ومخططاتها الإجرامية، وهو ما قالته قياداتها علنا وفي أكثر من ظهور مرئي على شبكة الإنترت. وإذا كانت أجهزة الأمن في المملكة قد حققت نجاحات متتالية في ضرب القاعدة استباقيا وهزمتها على الأرض فإن جهود الأمن السعودي لم تتوقف عند هذا الحد، بل ساهمت في نجاح أجهزة أمنية إقليمية وعالمية في الوصول لخلايا القاعدة بفضل تعاونها وتمريرها لمعلومات أمنية في غاية الأهمية أمكن تلك الأجهزة من إفشال مخططات قاعدة الضلال لن يكون آخر ثمارها انتفاضة الأمن اليمني وضرب القاعدة عبر ثلاث عمليات أمنية متزامنة أشاد بها العالم.