تمد مؤسسة الفكر العربي اليوم جسرا من التواصل بين عالمي الثقافة والاقتصاد، وذلك عبر مؤتمرها الثامن «التكامل الاقتصادي العربي.. شركاء من أجل الرخاء»، الذي يرعاه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بحضور رئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز. ويشارك في المؤتمر الذي يستمر يومين نخبة من القادة والمفكرين من العالم العربي ومختلف أنحاء العالم، وتتوزع أعماله على عدة جلسات تصل إلى ثماني جلسات، دعي لها نحو 500 شخص للاستماع والمناقشة الفاعلة. ويشكل مؤتمر «فكر8» مرحلة وسطية وتكميلية لمؤتمر القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية، الذي عقد في الكويت أواخر العام الماضي، والقمة الاقتصادية التي ستعقد في القاهرة العام المقبل. وأكد ل«عكاظ» الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان بن عبد المنعم أن المؤتمر يركز في محاوره على جملة من الأهداف التي تعالج وتشخص واقع الاقتصاد العربي وسبل الرخاء فيه ودور الشركات الوطنية والأهلية في دفع عملية التنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أن من أهداف المؤتمر جمع رجال الفكر والخبراء والمعنيين بالقضايا المطروحة في المؤتمر؛ لمناقشة سُبل التطور في العالم العربي ودعم التفاعل والحوار بين مختلف المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، والعمل على إكساب التعاون العربي البيني مع الخارج مزيدا من الفاعلية، والارتقاء به من مستوى التبادل إلى مستوى التنسيق والمعرفة والتكامل، والتأكيد على أهمية نشر القيم التي تساعد على إطلاق القدرات الكامنة لدى المواطن العربي، والتأكيد على أهمية دور جيل الشباب، ودورهم في معالجة التحديات المترتبة، والاهتمام بالأفكار الجديدة، والمبادرات، وتفعيل العلاقات من أجل تشجيع المشاركين على الانخراط في مؤتمرات فكرية مستقبلية. التكامل الاقتصادي العربي وألمح عبد المنعم أن المؤتمر يحاول أن يطرح ما يثيره موضوع التكامل الاقتصادي العربي من جوانب وأولويات مثل: التجارة البينية العربية لا سيما على صعيد الاتفاقات التي تربط بين الدول العربية، واستراتيجيات الزراعة في العالم العربي والدور الذي يمكن أن يضطلع به القطاع الخاص في هذا الشأن في ظل تزايد معدلات الفقر وما يرتبط به من تحديات اجتماعية أخرى. كما يناقش المؤتمر بعض الظواهر الاقتصادية في المجتمع مثل ظاهرة الشركات العائلية والبطالة لدى الشباب، والصناعات الإسلامية دون أن يغفل قضية أمن الطاقة وما يرتبط بها من سيناريوهات المستقبل، ويتناول أيضا الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على العالم العربي. منهجية المؤتمر وعن منهجية المؤتمر، أشار عبد المنعم إلى أن «المؤتمر اعتمد على منهجية عمل تعتمد على أشكال عدة للنقاش منها الجلسات العامة، وورش العمل، ومقابلات مع شخصيات مبرزة، إضافة إلى الجلسات التفاعلية. كما يخصص للشباب لقاء تمهيدي يسبق مباشرة جلسة الافتتاح. وألمح أنه بقدر ما يسعى به «فكر 8» إلى طرح التحديات والمشكلات فإنه سيسلط الضوء على التجارب العربية الناجحة مثل تجربة مجلس التعاون الخليجي الذي يمثل خطوة إقليمية مهمة على صعيد التكامل الاقتصادي العربي. التقرير العربي الثاني ويطلق الأمير خالد الفيصل اليوم في المؤتمر السنوي العام للمؤسسة، التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية. ويشارك في احتفالية إطلاق التقرير، وزراء الإعلام والتعليم، رئيس المجلس الوطني للثقافة في الكويت، مفكرون ومثقفون وأكاديميون عرب، وحشد من الإعلاميين وشخصيات عربية مبرزة. ويتضمن التقرير خمسة ملفات تعكس المقومات الأساسية للتنمية الثقافية وهي: المعلوماتية كرافعة للتنمية الثقافية، التمويل واستقلالية الإدارة في التعليم العالي، الخطاب الثقافي في وسائل الإعلام، الإبداع، والحصاد الفكري السنوي. وأوضح عبد المنعم «أن التقرير خلاصة عمل مؤسسي لفريق عمل كامل على مدى أكثر من عام». ويطرح التقرير عددا من التساؤلات: ففي مجال المعلوماتية، قال عبد المنعم: «تتعدد الأسئلة: ما هي أوضاع عالمنا العربي طبقا لمؤشرات مجتمع المعلومات في ظل الاستراتيجيات الحكومية الحالية؟ وكيف تبدو هذه الأوضاع طبقا لمؤشرات البيئة الإبداعية لا سيما في مجالات البحث العلمي والتعليم وصادرات التكنولوجيا؟. معلومات وأرقام ويتضمن التقرير في ملف المعلوماتية من المعلومات والأرقام، ما يثير التفاؤل أحيانا، ويستثير القلق أحيانا أخرى، فدول مجلس التعاون الخليجي مع تونس قطعت وفقاً لما تثبته الأرقام الدولية شوطا بعيدا على طريق تكريس مجتمع المعلومات، فقد احتلت هذه الدول أحد المراكز العشرة الأولى عالميا في 11 مؤشرا من مؤشرات تقنية المعلومات. لكن وفي المقابل، فإن موقعا عربيا واحدا فقط دخل قائمة المواقع الألف الأولى الأكثر ارتيادا على شبكة الإنترنت، وللمفارقة فقد كان هذا الموقع موقعا للسينما. وعلى صعيد التعليم كان السؤال الأبرز حول أزمة الاستقلالية الإدارية والمالية في الجامعات العربية، وهل أفضت معدلات الإنفاق على التعليم العالي في البلدان العربية إلى تحقيق الجودة التعليمية المنشودة؟ فالإنفاق الحكومي السنوي على الطالب الجامعي لا يتجاوز 800 دولار في كل من مصر والأردن وسوريا والمغرب، ويصل إلى نحو 1.800 دولار في لبنان وتونس، ويبلغ 8.000 دولار في المملكة، لكنه يصل في إسرائيل وفرنسا إلى أكثر من 10.000 دولار، وفي أمريكا يبلغ 22.000 دولار. الخطاب الثقافي العربي أما على صعيد الملف الإعلامي فثمة تساؤلات لعل أولها ما يتعلق بمضمون الخطاب الثقافي في إعلامنا المكتوب والمرئي: ما هي القيم التي يدعو لها هذا الخطاب الثقافي العربي؟ وكيف واجه هذا الخطاب بعض الإشكاليات العربية المزمنة مثل قضية العلاقة بالآخر السياسي والديني، وعلاقة المثقف بالسلطة والمال، وقضية التراث والمعاصرة، والمساواة بين الرجل والمرأة، وعلاقة اللغة بالثقافة؟ وهل هناك خطاب ثقافي عربي واحد أم هناك «خطابات» ثقافية عربية؟.