قد يبدو الأمر مثيرا لدهشة البعض حين ترفض مؤسسات التعليم العالي نتائج التصنيفات العالمية إن وضعتها في مؤخرة الترتيب على مستوى العالم كما حدث لجامعتنا قبل أكثر من عام، ثم وحين تخرج تصنيفات جديدة تجعل إحدى الجامعات «جامعة الملك سعود» الأولى على مستوى العرب، لكنها 500 على مستوى العالم، يتساءل العاملون في وزارة التعليم العالي: لماذا يتم التقليل بهذا المنجز بحجة أنه يعتمد على المواقع الإلكترونية؟ هذه الدهشة سببها، أنه لا يمكن لك أن تهاجم المصدر حين لا يروق لك الترتيب، وحين توضع في مصاف أفضل تسأل لماذا لا تشيدون بنا؟ هذا المشهد المتناقض هو في النهاية يؤكد لنا أن جامعاتنا التي تنتظر التصنيفات العالمية داعية الله عز وجل بأن يوفقها بترتيب جيد، ليس لديها القدرات لتصنف وتقيم عملها، وتنتظر التصنيفات التي تقوم بها بعض مراكز الإحصاء العالمية، وإن كان التصنيف محزنا يتم التشكيك به حد أن يقال: «إنها مؤامرة»، وإن كان الترتيب يمنح إحدى جامعاتنا الرقم 500 دون أن تكون هناك جامعة عربية قبل هذا الرقم، سيتم الترويج لهذا الإنجاز، مع التركيز على أنه الأول على العرب، وكأن الدول العربية متطورة علميا ليتم التفاخر بهذا الرقم المحزن أيضا وإن قيل إننا أفضل العرب. بعيدا عن الإحصاءات التي لا يمكن لها أن تكون أدرى بعمل الجامعات من سكان هذه الجامعات، مازلت إلى الآن أنتظر من وزارة التعليم محاسبة الجامعات، على تقصيرها في البحوث العلمية. أقول تقصيرها: لإني مازلت أتذكر ما قيل لنا بتلك الندوة التي أقامها رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «تشون فونق شي». في تلك الندوة التي حضرها بعض الإعلاميين السعوديين، قيل كلام يجعلك تتساءل: لماذا لم يغضب مجلس الشورى ويستدعي وزير التعليم العالي للرد على مثل هذا الكلام، وهل فعلا لم تقم جامعاتنا بأي بحوث علمية يعتد بها؟ وإن كان هذا صحيحا لماذا لم يحاسبها على كل هذا التقصير؟ فقد اكتشف العاملون على جامعة الملك عبدالله أنه لم يصدر من كل جامعاتنا بحث علمي معتبر في أهم مسألة لدينا، وهو تحلية المياه، مع أن السعودية أكبر دولة تستخدم ماء التحلية، فوضعت جامعة الملك عبدالله هذا المشروع من أولوياتها. هذا التقاعس من جامعاتنا أو تجاهل الإنسان السعودي، هو من جعل فاتورة الماء يرتفع سعرها في السنوات الأخيرة، بعد أن كان المواطن يدفع مبالغ زهيدة. وكان سبب ارتفاع فاتورة الماء، النمو السكاني الذي لم يوازه نمو معرفي في جامعاتنا، لتقلل تكلفة تحلية المياه، مما جعل المواطن هو من يدفع ثمن تقاعس الجامعات لدينا. وحين لا تقوم الجامعات بأهم بحث علمي يحتاجه المواطن، وأعني هنا الماء، فمن الطبيعي أن نعرف ما قيمة البحوث العلمية الأخرى، وبالتأكيد لن نحتاج لمراكز إحصاء عالمية لتقول لنا كيف تعمل جامعاتنا. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة