لم أكن أتوقع أن بعض العقول ستعيدنا إلى الوراء حيث يسود التعصب القبلي، وأنها ما زالت معنا وتعيش بيننا. تلك العقول الفارغة من الثقافة الوطنية تتصرف بطرق تؤكد فراغها وخواءها فكريا، وتمارس تفاهاتها ونظرتها الضيقة المريضة عبر وسيلة تواصل ابتكرتها التقنية. إن المشاهد لبعض الفضائيات التي تعنى بالتراث الشعبي سيصدم بما يبث عبر شريط الشات المتحرك أسفل الشاشة من فكر أكل عليه الزمن وشرب، وسيصيبه الدوار من عبارات لا تتضمن غير الدسيسة وإشاعة البغضاء ونشر الضغائن وبذر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. استأت حد التعصب، اعني «ارتفاع الضغط» وأنا أشاهد أحد الاحتفالات الرائعة بيوم الوطن على إحدى الفضائيات الشعبية، بسبب المهاترات التي تداولتها قلوب مريضة، اختبأ أصحابها خلف معرفات وهمية لبث أحقادهم وضغائنهم من خلال رسائل «SMS» في يوم يحتفل فيه الوطن بيوم توحيده ولم شمله ووضع حدد لشتات أرضه وأهله. يدعون حب الوطن من جانب، ومن جانب آخر يمارسون أقسى درجات العقوق ضد الوطن وأهله. فذاك يوم يذكرنا كيف كانت الأمة عندما كان صوت التخلف والفرقة والنزعة الجاهلية عاليا فيها، وهو نفس اليوم الذي يعرض لنا الصورة الواضحة النقية كيف تحولت الأمة وتطورت ونمت وعلى صوتها بين الأمم عندما وضعت حدا لتلك الحالة النشاز وبثت روح الألفة والتآخي والعدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد. ذاك يوم نزداد فيه إيمانا ويقينا وإصرارا على أهمية التشبث بوحدتنا أرضا وشعبا، وعلى أهمية نبذ كل صوت نشاز، عابث، متعصب يريد العودة إلى الماضي البغيض الذي تجاوزناه فكرا وممارسة. ستبقى كلمة الحق صادحة، ويبقى التكاتف والتآزر بين أفراد الوطن مثل الجسد الواحد، وسيذهب الله ريح كل صوت متخلف نشاز لا قيمة ولا تأثير له. أحمد آل علي