قبل أن يشهد مسعى المسجد الحرام مشروع التوسعة الأخيرة، كانت طاقته الاستيعابية تصل إلى حوالى 44000 ألف شخص في الساعة الواحدة وبإمكانية استيعاب 42000 ألف مصل، وبعد اكتمل أعمال التوسعة بعد عشرة أيام فإنه من المتوقع أن تصل الطاقة الاستيعابية إلى118000 ألف معتمر في الساعة وقدرة استيعاب 115600 مصل، بنسبة زيادة فاقت ضعفي ما كان عليه في السابق. المشروع العملاق حقق خلال رمضان الماضي مرونة في الحركة طوال الشهر لم تشهد مثيلا لها في الأعوام الماضية كون مشروع التوسعة شمل كافة طوابق الدور الأرضي والأول والثاني واستحداث طوابق إضافة لسطح المسعى.. واقتصرت حدود التوسعة على منطقة المسعى بالإضافة إلى استقطاع منطقة بعرض 20م من الساحة الشرقية الموازية للمسعى مباشرة وطول 390م تقريبا، حيث تم تنفيذ المشروع على مرحلتين بعمالة قوامها ثلاثة آلاف عامل واستمر العمل طوال ثلاثة أعوام لم يتوقف إلا في مواسم رمضان والحج حفاظا على سلامة زوار وعمار بيت الله الحرام بعد أن أخذت كافة الاحتياطات اللازمة لضمان سلامة المصلين والمارة والعاملين في المشروع الذي نفذ وفق أعلى المعايير الفنية والأمنية، ليضيف المشروع مساحة جديدة للمسعى لتصل مساحته الإجمالية 87000م2 بإضافة 57600م2 عن مساحة المسعى السابقة قبل التوسعة التي لم تكن تتجاوز ال 29400م2، فيما بلغ إجمالي التكاليف المنفقة على المشروع مليارين و 985 مليون ريال، وخضع المشروع لمراقبة يومية من فرق متخصصة لرصد مراحل المشروع وتوثيق كافة الأعمال الخاصة به. «عكاظ» تجولت أمس الأول في المسعى والتقت بالعاملين الذين يسارعون الخطى للانتهاء من العمل مع حلول يوم العشرين من ذي القعدة الجاري. التقينا شبابا سعويين من ضمن 700 شاب حملوا على أكتافهم رخام المسجد الحرام، وحديد تسليحه حيث أتموا عامهم الثالث في عملهم في مشروع توسعه الملك عبد الله للمسعى، هؤلاء الشباب الذين تدربوا على أعمال الرخام والحدادة والنجارة في معاهد التدريب المهني استوعبهم العمل في المشروع وكانت الرغبة لديهم لنيل شرف العمل في بناء وتشييد المسجد الحرام. وأكد أحمد الهزازي، يحيى شراحيلي، عبد الله عوض، علي القرشي، ماجد المولد، عبد الهادي الحربي أن الفرحة لا تسعهم وهم يساهمون بسواعدهم في بناء البيت الشريف «نترقب بشغف مشاهدة الساعين وهم يدعون ويلهجون بالدعاء لمن ساهم في بناء الحرم»، وأضافوا أنهم سيستمرون في العمل في توسعات المسجد الحرام وساحاته حيث سينتقلون بعد الانتهاء من عمل المسعى إلى العمل في الساحات الشمالية والتي يتوقعون أن العمل سيستمر فيها مدة سبع سنوات «نسأل الله أن يجعل عملنا طيلة حياتنا». شاب آخر التقيناه وهو فجر مرجي الذي عاصر بناء المشروع من بدايته فوجدناه يتكئ على كتلة خرسانية ويتناول طعام غدائه سألناه عن طبيعة عمله فقال: أعمل حارس أمن مع مجموعه من الشباب السعوديين حيث عاصرت بدء العمل في هذا المشروع منذ بدايته في 20/1/1428ه راقبته وهو يكبر شئيا فشيئا وبوتيرة لا تنقطع إلا في أوقات محددة من رمضان أو موسم الحج فالعمل في هذا المشروع العملاق ليس مثله أي عمل آخر كونه في بيت الله الحرام وكونه متابعا من خادم الحرمين الشريفين، الذي زار المشروع أكثر من مرة وتابع مراحل العمل فيه، والحمد لله وفي وقته المحدد ثلاثة أعوام انتهى المشروع وانتهى العمل فيه وأصبح الآن جاهزا للحجاج والمعتمرين بجميع أدواره ولم يتبق سوى بعض التشطيبات الخفيفة والتي سيتم الانتهاء منها بعد عشرة أيام إن شاء الله». مدير عام المشاريع في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام المهندس عبد المحسن بن حميد أكد ل «عكاظ» أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسعى يشمل خدمات إضافية لم تكن متاحة في السابق شملت نظام تكييف متكامل، مواقع لمياه زمزم، مسارات لعربات المعاقين منفصلة كليا عن حركة المشاة، مسارات لممرات متحركة لخدمة كبار السن، وعددا كبيرا من عناصر الحركة الرأسية من مصاعد وسلالم متحركة ومنحدرات للعربات، ونظاما صوتيا متقدما يتحكم فيه آليا، إضافة إلى نظام مراقبة أمنية مشمول بأحدث التجهيزات الفنية المتقدمة إضافة إلى مداخل ومخارج ومناطق للعبور مؤقتة بالإضافة إلى نظام إرشادي مؤقت جرى أخذه في الاعتبار أثناء تنفيذ المشروع.. عدد من أصحاب الفضيلة باركوا هذا المشروع إذ يؤكد أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان أن «توسعة المسعى جائزة ومطلوبة أولا للحاجة الملحة لذلك وكذلك لشهادة الشهود على امتداد جبلي الصفا والمروة والذي شمل هذه التوسعة حيث إن التوسعة لم تتجاوز الصفا والمروة»، وأوضح الدكتور السدلان «أن الزحام الذي يحدث سنويا يلزم بضرورة التوسعة والدراسات تؤكد أن الزحام سيزداد وبعد عشرة أعوام قد تزداد أعداد الحجيج إلى عشرة ملايين وبعد خمسين عاما قد يصل إلى خمسين مليون»، وأضاف أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية «أن توسعة المسعى أصبحت ضرورة قصوى والناس في حرج وضيق كبير وخاصة في أوقات رمضان والحج».