أنا أب لثلاثة أولاد وطفلة وحيدة جاءت بعد مجيء ولدين يقترب سنها من الثالثة، في يوم من الأيام ذهبت مع أمها في أحد الواجبات الاجتماعية فكانت هناك بنت صغيرة ضربتها وبصقت في وجهها، ومن يومها أصبحت طفلتي في حالة سيئة جدا في التعامل مع أقرانها من أطفال العائلة وتخاف منهم ناهيكم أن لها أخا رضيعا جاء بعد مجيئها إلى هذه الدنيا، أصبحت تغار منه بشدة لدرجة أنها تطلب من أمها أن تحملها وتعاملها كما تعامل الطفل الصغير ولا تنام إلا بجانب أمها، وفي هذه الأيام أصبحت مصابة بحالات بكاء مفاجئة وقد تمتد إلى أكثر من ساعة عند سؤالها عن السبب تقول إنه لا أحد في البيت يحبها أو أنا وحيدة، وحالتها تزداد سوءا يوما بعد آخر، فكيف نتعامل معها باللين أم بالشدة حتى تتجاوز مابها وتعود البسمة إليها وإلى كل من في داخل المنزل؟ قولك إن بصق الأطفال في وجه هذه الطفلة هو سبب سوء تعاملها مع بقية الأطفال قول يحتاج لإعادة نظر، ويحتاج إلى معرفة أكثر دقة وتفصيلا لحياة هذه الطفلة لأن المشكلة الرئيسية ربما كانت كامنة في الغيرة من الأخ الأصغر، وربما كانت مشكلة البصق في وجهها من الأطفال الآخرين بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، والدليل أن بقية تصرفاتها كافية لفهم الأثر الكبير للغيرة على سلوكها فهي تريد من أمها أن تعاملها كالطفل الصغير وتريد أن تنام بجانبها وصارت كثيرة البكاء ولمدد طويلة وتشتكي من أن لا أحد في البيت يحبها، والسؤال الأخير يشير بالمقابل إلى أنكم تعاملتم بالشدة تارة وبالتعاطف واللين تارة أخرى، أو أن بعضكم عاملها بالشدة والبعض الآخر عاملها باللين والتعاطف. أنصحكم بإهمال مشكلة البصاق عليها مؤقتا وركزوا على إعطائها قدرا من الرعاية والاهتمام أكبر مع الثبات على القوانين وأن لا تتراجعوا تحت تأثير بكائها لأن البكاء وسيلة يتبعها الأطفال ويتشبثون بها إذا نجحوا في الحصول بواسطتها على ما يريدون، فلا تجعلوها تكسر قواعدكم ببكائها ولكن بالمقابل لا تلجأوا للعنف والقسوة لأنهما سيزيدان من غيرتها من أخيها الصغير. والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية عن هذا هو أن يشارك الأب في رعايتها حين يصل للبيت والعمل على مشاركتها لأمها بعد أن تحصل على قسط جيد من رعايتها في الاهتمام بأخيها، المهم أن لا يخطف أخوها الأضواء منها تماما، وأن لا تهمل من قبلكم.