على الرغم من بيئتنا المحافظة وعاداتنا وتقاليدنا الضاربة بجذورها في أعماقنا أصبحت الموضة الصاخبة والأزياء العجيبة والمظاهر الغريبة و «الاستايلات» المختلفة هي الشغل الشاغل لكثير من الفتيات في عصرنا الحاضر، ومما بات ملفتا للنظر انضواء عدد كبير من الفتيات لمجموعات «الايمو»، تلك «التقليعات» الدخيلة على مجتمعاتنا العربية وذلك من خلال المحاكاة اليومية لبعضهن البعض في المدارس والجامعات والمناسبات الاجتماعية كحفلات الزفاف والأعياد إلى جانب تجمعاتهن في المجمعات التجارية «المولات». فهل أصبح انجذاب الفتيات نحو مجموعة الايمو ظاهرة تستحق الوقوف والدراسة؟ .. «الدين والحياة» استطلع آراء عدد من المعنيين بالموضوع فكانت الحصيلة التالية: قروب ايمو بداية أشارت شذى حسون 17 عاما إلى تجربتها في الانضمام إلى قروب فتيات ايمو في مدرستها، لافتة إلى أنها سرعان ما انجذبت إليهن، لأنهن كن عون لها في وقت حاجتها، واصفة نفسها بأنها كانت منطوية المزاج بعيدة عن أهلها لأنهم لا يشعرون بها ولا يفهمونها، مما أدى إلى شعورها بالكآبة والحزن دوما مما دفعها للانضمام لشلة الايمو التي أطلقت على نفسها شعار: «إحنا بنات ايمو فله ومو عاجبنا اضطهاد الأهالي العلة». وأضافت: لقد استطعت أن ألفت أنظار الآخرين إلي من خلال قصة وتسريحة شعري وأزيائي المتميزة، التي تكون في الغالب، جينزا وقميصا ضيقا يحمل علامة الايمو أو شعارا لإحدى فرق الروك ايمو، و أهم ما يميز زيي اللون الأسود مع مربعات بيضاء وعلامات زهرية بالإضافة إلى لبس الجاكيت والحلق والأساور والنظارات السوداء العريضة. بذلك الزي الغريب تشعر شذى بسعادة كبيرة على الرغم من حزنها داخليا، وهو ما يواسيها، تقول: لقد وجدت في هذا القروب الصدر الرحب الحنون الذي يفهمني، لذالك أفتخر بانتمائي لفتيات ايمو، لقد اجتهدت وانضممت إليهن، وفي الأخير أصبحت من قادة مجموعة الشلة المعتمد عليهن. الضيق والكآبة من جانبها أبدت مها العبد الله (من المنتميات لفتيات الايمو) عن قلقها قائلة: أنا حساسة بطبعي ومع ذلك لا يهتم بمشاعري أحد، و لم أجد صديقة إلا موسى الحلاقة، فهو الشيء الوحيد الذي يريحني من الإحساس بالضيق والكآبة حينما أضعه على ذراعي وأرى الدم ينزف مني، في تلك اللحظة أشعر بسعادة لا توصف. وأضافت: لا شك أن فتيات ايمو يتميزن بطريقة لبسهن ومكياجهن، وهو ما يوحي بأنهن راقيات «كلاس» و «استايل»، لكن مزاجهن دائما ليس هادئا، وداخلهن وحياتهن كلها فوضى و كآبة وحزن . وتقول سجى العمودي (23 عاما): أنا مغرمة بحب الساعات الغريبة الشكل رغم ارتفاع ثمنها، لذلك فأنا أسعى لاقتنائها بأي ثمن لا سيما الوردية منها لأنها تجذبني، كما تجذبني صور الأرانب المرصوصة بشكل منسق. وأضافت: لقد تفاجأت عندما أخبرتني والدتي أن بعض الساعات التي أقتنيها لا ينبغي أن تلبسها فتاة مسلمة عارفة بدينها، لأنها تمثل علامة تجارية لإحدى الشركات الإباحية، فهنا ألتفت لجهلي وجهل العديد من زميلاتي بالعلامة التجارية لتلك الساعات التي تحمل شعارات إباحية، فذهبت فورا إلى زميلاتي وحدثتهن بكل ما علمته عن تلك العلامة التجارية، وتعاهدنا جميعا على أن نتعرف على أصول الأشياء قبل ارتدائها حتى وإن كانت جميلة. الدرع الواقية الأخصائية النفسية والاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة منال الصومالي ترى أن الثقافة هي الدرع الواقية لفتياتنا من كل الظواهر والمشاكل الدخيلة على مجتمعنا والناتجة لعدم الدراية بالشيء، والأمية والجهل الواضح والانجذاب وراء الموضة والاستايل وقشور الحضارة، مطالبة أفراد العائلة خاصة الأبوين بعدم ترك الحرية المطلقة للأبناء ولا سيما الفتيات في ارتداء الأزياء الغريبة بحجة أنها موضة وستنتهي، فهي لن تنتهي لأنها ستجلب معها أفكارا هدامة وتترك الفتاة تسلك طريقا خطأ بحجة أنها «ستايل»، فهذا ما نخشاه، لذا لا بد من الوعي والتثقيف لنحمي فتياتنا من الأفكار والمعتقدات الشيطانية الهدامة التي ابتدعها الغرب، وأوصلها إلينا على شكل قوالب أزياء وموضة و «استايل» وبثها بين فتياتنا بحجة أنها حضارة. عبدة الشيطان أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة المدينةالمنورة الشيخ عبد الرحمن الدخيل يؤكد أن هذه الظواهر المتفشية بين الفتيات تشبة مجموعات عبدة الشيطان، وهو ما يحرم الانتماء إليها وتقليدها في الأزياء والتشبه بها، و أضاف: فليعلم من ينتمي لهذه المجموعة أو المجموعات المشابهة أن إيذاء النفس وإلحاق الضرر بها، هو من باب التهلكة لقول الله تعالى «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، وما تسميه الفتيات من جرح أنفسهن بقصد الارتياح من الضغوط النفسية والتشبه بالرجال ليس سوى تمرد وعصيان ودخول في بحر الشبهات والوقوع في الشرك بسبب مجاراة الموضة و «الاستايل» حسب قولهن.