العالم المتقدم بقيادة أمريكا وبريطانيا يقف سدا منيعا ضد اتهام إسرائيل بالعدوان على الحريات وقتل الأبرياء، وإن حدث ذلك فإنه لايكون في رأي هاتين الدولتين إلا دفاعا عن النفس. وبالأمس (الأربعاء الماضي) عقد مجلس الأمن جلسة قبل موعدها بناء على طلب من الدول العربية؛ لمناقشة (تقرير جولدستون) الذي يدين إسرائيل بجرائم القتل أثناء هجومها على غزة هذا العام. ذلك الهجوم الذي تعدى حدود الإنسانية إلى الهمجية، حيث رصد عددا غير محدود من جرائم القتل والتشويه للأطفال والنساء والرجال بدون هوادة. أي أن هؤلاء الضحايا لم يكونوا محاربين ولم يكونوا حاملين للسلاح. أتدرون ماذا كانت ردود فعل دول الإنسانية والديموقراطية؟ لقد تصدى مندوب أمريكا لهذا التقرير بتبرير ما حدث بأنه حق لدولة إسرائيل (التي لاتخطىء أبدا) في الدفاع عن نفسها. أما مندوب بريطانيا فقد كان اتهام التقرير بعدم الاعتراف بحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها غير مناسب. بما يعني أن ما تعمله إسرائيل هو الحق. فماذا عن حقوق الفلسطينيين في العيش بسلام في أرض اغتصبت عنوة من المهاجم الذي يريد المزيد من الاغتصاب.. والتقتيل. دون أدنى إحساس بحق الطرف الآخر بالعيش ولو على هيئة لاجئين. ترى لو كان ما حدث على أيدي الجيش الإسرائيلي من قتل وتدمير أو جزء يسير منه أقول لو أن ذلك جرى على أيدي الفلسطينيين أو الجيوش العربية فماذا سيكون موقف أمريكا وبريطانيا؟ قطعا سيكون مزيجا من الجهود للتسارع لإدانة العدوان. فأين الديمواقراطية المقدسة التي يتغنى بها الأمريكان والبريطانيون عندما يكون المخالف هو العدو الصهيوني؟ وأين هي حقوق الإنسان التي يتغنون بها ويحاسبون على أقل مخالفة لبنودها من قبل غير الصهاينة؟ بل أين العدل والموضوعية عندما يكون المعتدى عليها هي دولة إسرائيل؟ هل الإنسانية درجات ومراتب في نظر القيم الغربية؟ إن ما حدث من مندوبي بريطانيا وأمريكا في اجتماع الأربعاء يعد مخالفة صريحة لكل القيم التي تتغنى بها دولتاهما. بل ستكون ردود الفعل غير متزنة أيضا ولكن بالاتجاه المعاكس. وبالمقابل، فإن الطرف الذي كان ضحية الظلم الذي ارتكبه الصهاينة حيال أبناء غزة وهم الفصائل الفلسطينية قد ساعد بشكل كبير العدو على أن يفعل ما فعله. فالصراعات الداخلية بين فتح وحماس أسهمت كثيرا في حدوث ما قامت به إسرائيل من أعمال مخزية. ولولا هذه الصراعات الفلسطينية لما أصبح الشعب الفلسطيني لقمة سائغة لأعداء الله من بني إسرائيل الذين لايخافون من أية ردود فعلية؛ لأن لديهم ثقة بأنهم مسنودون من معظم الدول الغربية. لكن المفرح مع محدودية تأثيره أن مجلس حقوق الإنسان الدولي صوت يوم الجمعة على تقرير جولدستون بالموافقة بأغلبية 25 صوتا مقابل ستة أصوات معارضة. وهذا إن جرى تطبيقه بدون عوائق سيكون سابقة خطيرة بالنسبة لإسرائيل ومن يحابونها ويناصرون عدوانها المتكرر على العرب والفلسطينيين. أرجو الله أن يحقق لنا ما يعيننا على أنفسنا حتى لا نتحارب فنساعد عدونا على أنفسنا كما يفعل الفلسطينيون الآن. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة