تعتبر المملكة من أكثر دول العالم إنتاجا للمياه المحلاة (المستخرجة من مياه البحر)، ويصل عدد محطات التحلية المقامة على البحر وعلى الخليج قرابة ثلاثين محطة أو أكثر ومنها محطة الجبيل التي تعد الأكبر في العالم، ونحن كبلد لنا علاقة قديمة بتحلية مياه البحر من بداية الدولة أي ما يزيد عن نصف قرن حين تم إنشاء ما سمي (الكنداسة) لحل مشكلة نقص الماء في جدة إلى أن وفق الله الملك عبد العزيز رحمه الله بتنفيذ مشروع العين العزيزية مجلوبة من مياه وادي فاطمة، كما أن محطة تحلية جدة كانت الأولى ربما في المنطقة باستخدام التقنيات الحديثة وبكميات كبيرة، والآن وبعد أن زرعنا شواطئنا محطات تحلية لحل النقص في مياه الشرب ما زلنا نعمل جاهدين لتغطية العجز الحاصل، علما بأن كميات المياه المنتجة تكفي لجريان نهر متوسط لولا الزيادة السكانية الرهيبة التي رفعت سكان المملكة خلال عشرين عاما من خمسة ملايين إلى عشرين مليونا الآن وأكثر، ومع ذلك نمتنع بعناد وخطأ عن إطلاق خطة توعية بفوائد تنظيم النسل ومخاطر الزيادة منه التي تلتهم كل جهود التنمية والتطوير. بالأمس تلقيت دعوة لزيارة محطة الشعيبة لتحلية المياه والتي نفذتها شركة الشعيبة للمياه والطاقة وتنتج الآن في مرحلتها الأولى تسعمائة ألف متر مكعب تضاف إلى مياه جدة، ومع إصلاح خطوط المياه وإنشاء شركة حديثة بشراكة أجنبية تحسن توزيع الماء وهكذا كل يوم إلى أحسن، لكن السؤال الكبير هو.. وماذا عن تصريف هذه المياه المتدفقة والإسراف في استعمالها؟ أين مشروع الصرف الصحي؟ ولماذا ينفذ على طريقة بلدية جدة على ظهر سلحفاة؟ والمشكلة واضحة في الطفح المائي أو المجاري في كثير من الشوارع والحارات، وبعد فإنه رائع زيادة إمدادات الماء ولكنه خطر كبير إغفال تصريف المستعمل، الماء جاء.. ولكن أين الصرف الصحي؟ ولماذا تباطأتم؟ أجيبوبنا قبل أن نغرق.