تتمتع حشرة «الجراد النطاط» cicada بمهارات عجيبة في التكاثر وفى إصدار الأصوات العجيبة.. وتحديدا حين تقوم الذكور المتحمسة للتزاوج بإصدار «دوشة» عجيبة في الليل بهدف جذب الإناث.. أصوات «طقطقة» عالية جدا نسبة إلى حجمهم للإعلان عن قوتهم واستعدادهم للتزاوج.. وسبحان الله أن تتحكم في قوة هذه الأوركسترا الجماعية أكياس مفرغة أشبه بالطبول في أجسام ذكور هذه الحشرات.. وتتوجه مجموعات الإناث نحوهم حتى في الظلام الدامس، ويصدرن أصوات تأكيد حماسهن باستخدام أجنحتهن. ولكن هناك أنواعا أخرى من الجراد الضخم «القبضاي» الذي طور طريقة مبتكرة من الصيد فهم يتجهون نحو الذكور ويقلدون أصوات الإناث لتأكيد رفع درجة حماس «العرسان».. ثم تكون المفاجأة الكبرى.. يلتهم الجراد الضخم رؤوس الذكور أولا، ثم يتغذون على الجسم.. وأخيرا الأرجل وكأنها «الحلى».. وتبقي الأجنحة فقط في النهاية.. بعد كل ذلك الغناء و «الهيصة» تذهب الذكور واستعداداتها «أونطة» فلا إناث، ولا تزاوج، بل نهاية مؤلمة وبطيئة لكل ذلك الحماس.. وعلى صعيد آخر نجد أن أحد أشد الأمراض الفتاكة في تاريخ البشرية كان الطاعون.. وكان إحدى النواقل الأساسية هي الجرذان، ولكن بالتحديد كانت ما تحمله الجرذان على جسمها وهو البرغوث.. وبالتحديد الأكثر دقة فكانت هذه الحشرة هي الناقل الأساسي إذ تحمل بداخلها جرثومة شرسة اسمها «يسرينا بستس» على وزن «مسكينة أسبستوس» وكانت منظومة الوباء أن تعيش الجرثومة في داخل الحشرة التي تعيش بدورها في داخل الجرذ الذي ينقل الجرثومة إلى البشر.. وكان الطاعون من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى إبادة أكثر من 80 في المائة من سكان لندن في القرن السابع عشر وكان أحد أسباب الانتشار هو عدم وجود نظام صرف صحي في المدينة فذهب العديد من الضحايا «قونطة».. ومن عجائب التاريخ العسكري نجد أن عدد الجنود الذين قتلوا عبر التاريخ بسبب الأمراض والأوبئة أثناء الحروب كانوا أكثر ممن قتلوا في المعارك.. يعنى أن عدد الذين ذهبوا «قونطة» أكثر ممن حاربوا وناضلوا واستشهدوا دفاعا عن مبادئ أو سياسات أو أطماع أو سلامة بلادهم.. واليوم نجد أن مبدأ «الأونطة» لا يزال يستمتع بمكانة كبيرة حول العالم ذلك لأن العديد من القضايا الأساسية تعكس هذا المفهوم العجيب في أقوى أدواره: أنظر إلى التجاوزات الإنسانية في التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية حقوق، ومبدأ، وتعامل إنساني ليس من قبل الإسرائيليين فحسب ولكن من قبل المجتمع الدولي بأكمله.. «أونطجيون» يمارسون «الأونطجة» والعالم لايزال يتفرج ونحن في القرن الواحد والعشرين.. وللعلم فتشير التقديرات إلى استشهاد أكثر من سبعة آلاف وخمسمائة مواطن، وجرح أكثر من مائة ألف خلال العشرة أعوام الماضية في انتفاضة الأقصى، ولا نقبل أن ننساهم. أمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية غرقت الشابة فاطمة صعب على شاطئ جدة بسبب ضخ مياه في البحر من أحد أنابيب الصرف على كورنيش جدة.. وخلال شهر رمضان تعرض زميلنا الدكتور عبد القادر أمير مدير إدارة التخطيط العمراني في أمانة محافظة جدة سابقا وأستاذ العمارة وتخطيط المدن في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لحادث دهس أثناء دخول سيارته أمام منزله فأصيب بكسور خطيرة في رجليه.. ثم في نهاية الشهر، سقطت سيارة الطالب في كلية الهندسة معتز الزيد في حفرة عميقة في أحد شوارع جدة فقتل وأصيب من معه.. كل إصابة تحتاج إلى تقويم ومحاسبة وإلا فستصبح ضمن حقبة «الأونطة».. أتمنى أن نقيم ونحاسب وثم نعيد الحساب والتقويم لأن كل حياة في وطننا غالية ومهمة. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة