صديقي.. في أواخر رمضان وقبل دخول الإفطار بقليل كنا زوجتي وابني وأنا نتابع خواطر رمضان، وكانت الكاميرا تطارد الطلاب اليابانيين وهم يقومون بتنظيف فصلهم بالمشاركة مع معلمهم. كان المشهد يستدعي صورا مختلفة في رؤوسنا، قالت زوجتي وهي معلمة: تعرف يا أبو محمد لو قررت في يوم أن أطلب من الطالبات تنظيف الفصل، وفاجأتني الموجهة التربوية في ذاك بزيارة، فأنا والمديرة سنحاسب، من مبدأ أن الطالبات جئن ليتعلمن وليس لتنظيف المدرسة. لهذا كل المدرسات لا يستطعن القيام بهذا الأمر، بل المديرة لن تسمح بفعل هذا حتى لا تسجل الموجهة التربوية هذا فيتم التحقيق معها. فرويت لها ما حدث لي مع مدير المدرسة حين ذهبت لأسأل عن طفلنا، وكان الطلاب للتو انتهوا من «الفسحة» فبدت الساحة مليئة بعلب العصير الفارغة وأوراق السندوتشات، وعامل شرق آسيوي يحمل كيسا وبدأ ينظف ما فعله الأطفال. وكان المدير يقف عند الباب الداخلي للمدرسة، بعد السلام والمجاملات سألته: أستاذي العزيز لماذا لا تجبرون الطلاب على رمي مخلفاتهم في هذه الحاويات الفارغة؟ فأخبرني بأنهم لا يسمعون الكلام، ثم دعا لهم بالهداية، فقلت له: حسنا، أجبروهم على تنظيف الساحة طالما هم من رموا المخلفات. قال لي: «الله يهديك يا أبو محمد تبي عيالنا يشتغلون كناسين، والله ما أرضاها على ولدك، ولد الحمايل يكنس الحوش الله يسامحك يا أبو محمد». ضحكنا زوجتي وأنا، فيما محمد كان وجهه محايدا، وقطع حوارنا صوت المؤذن يعلن عن دخول المغرب، فبدأ كل منا يتمتم بالدعاء قبل أن يقذف التمرة في جوفه. ثم نهضنا للصلاة، وقامت الخادمة بتنظيف السفرة من بقايا التمر والمناديل وكسر الحلوى، لتعد لنا وجبة الإفطار قبل أن ننتهي من الصلاة. عدنا من جديد للسفرة، كانت مليئة بما لذ وطاب، فزوجتي كانت قد حددت لها ما الذي سنأكله منذ الأمس، والخادمة قامت بمهامها على أكمل وجه. كانت الوجبة دسمة، لهذا لم يستطع التحرك من مكانه، سوى محمد الذي نهض عن الأرض ليرمي جسده على الأريكة، فيما أنا وأم محمد مددنا أرجلنا لنتابع «طاش ما طاش». قلت لأم محمد: ما رأيك لو نستغني عن الخادمة ونقوم نحن بالمهام الموكلة. قالت : «شفلك وحدة ثانية غيري أنا بروح عند هلي»، لم تلتفت وضغطت على «الرموت كنترول» لأن طاش بدأ، فكرت أن أنهض لأحمل باقي ما أكلناه، لكني شعرت بكسل وخدر لذيذ، فصرخت: «هيلن جيبي الشاي وتعالي خذي الأكل». جاءت سريعا ووضعت الشاي بيني وبين أم محمد، وبدأت في رفع السفرة فيما نحن نضحك على «طاش ما طاش». انتبهت لوجه «هيلن» وهي تحمل السفرة، بدا أن ظهرها يؤلمها، ومع هذا أخذت كل شيء بنفس الدقة والسرعة، وبلا اعتراض. قلت لنفسي: ماذا سنفعل نحن عيال الحمايل لو قررت «هيلن» ألا تقوم بمهامها؟ بدا لي المشهد مخيفا، فنحن عيال الحمايل السعوديين لم نتعود على فعل هذا، ولو قررت «هيلن» الإضراب سنتورط. ضحكت: وأنا أهمس «كان رحنا فيها حنا عيال الحمايل السعوديين». S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة