استدعت التجارب الصاروخية الإيرانية ردود أفعال عنيفة، وصفها البيت الأبيض بالاستفزازية، وقالت فرنسا إنها تعزز مخاوف دول المنطقة المجاورة لإيران والمجتمع الدولي، فيما أبدت روسيا قلقها ودعت لضبط النفس. وفي الوقت الذي تعرضت فيه طهران لانتقادات دولية حادة، أظهرت صور قمر صناعي التقطت الأحد وأفرج عنها أمس ما يعتقد أنه منشأة تخصيب يورانيوم في قم في إيران. وتبدو في الصورة مداخل أنفاق وأنشطة المبنى في منشأة عسكرية. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال إن هذا الموقع يبرهن على ما سماه النمط المقلق للمراوغة التي تنتهجها إيران بخصوص ملفها النووي. بدورها، نشرت منظمة جلوبال سكيورتي التابعة لجمعية العلماء الأمريكيين على موقعها الالكتروني صورة لما قالت إنه مفاعل نووي إيراني سري في قم. وأشارت إلى أن مدخل المكان يؤشر إلى احتمال وجود منشأة تخصيب تحت الأرض بحجم ملعب كرة قدم. وتوعدت واشنطنإيران مجددا بفرض عقوبات مشددة عليها إذا لم تبدد القلق حيال برنامجها النووي، وذلك رغم الشكوك التي تحوم حول فاعلية هذه العقوبات ومدى إمكان تطبيقها. وأعلن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس، إن إدارة الرئيس باراك اوباما تدرس «قائمة حافلة بالاحتمالات»، لجهة فرض عقوبات جديدة. من جهتها، قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إنها تدرس كيفية «توسيع وتعميق» العقوبات. وبعد 14 شهرا من التعثر، تستأنف إيران غدا في جنيف حوارها مع الولاياتالمتحدة وألمانيا والصين وفرنساوروسيا وبريطانيا. وتتهم هذه الدول الكبرى الجمهورية الإسلامية بالسعي إلى امتلاك السلاح النووي تحت ستار برنامج مدني، وتطالبها بأن تلتزم القواعد الدولية على صعيد حظر الانتشار النووي. ويتصاعد التوتر قبل هذا الاجتماع، وخصوصا بعد إعلان إيران إجراء تجارب صاروخية بالستية وكشف وجود مصنع ثان لتخصيب اليورانيوم في مدينة قم. وردا على سؤال لشبكة «سي إن إن»، تحدث غيتس عن احتمال فرض «عقوبات على النشاط المصرفي وتكنولوجيا الغاز والنفط». وسبق أن أصدرت الأممالمتحدة ثلاثة قرارات تشتمل على عقوبات بحق طهران. وتدرس الولاياتالمتحدة أيضا فرض حظر على واردات إيران من الوقود التي تستورد أربعين في المائة من حاجتها إلى هذه المادة رغم كونها بلدا مصدرا للنفط. لكن غيتس لم يتحدث عن هذا الاحتمال تحديدا، داعيا إلى الإفادة من «التصدعات العميقة» داخل المجتمع الإيراني بعد إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل. وفي رأيه، إن «عقوبات اقتصادية مشددة يمكن أن يكون لها تأثير فعلي»، في هذا السياق. وفي إيران نفسها، أعلن الزعيم المعارض مير حسين موسوي معارضته عقوبات جديدة، لأنها «ستزيد معاناة» الإيرانيين. من جهتها، دعت روسيا التي عادة ما تبدي تحفظا عن تبني عقوبات بحق طهران، الاثنين، المجتمع الدولي إلى عدم «الانجرار وراء العواطف»، بعد التجارب الصاروخية الإيرانية. وأعربت لندن وبرلين عن قلقهما بعد التجارب الصاروخية. لكن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند حرص على التشديد على أن «الاختبار المهم هذا الأسبوع» هو لقاء جنيف. أما الصين فتبدي معارضة لفرض عقوبات جديدة، ويقدر بعض المحللين الحجم السنوي لمبادلات بكين مع إيران بمليار دولار. واختبرت قوات الحرس الثوري الإيراني أمس، صواريخ «شهاب 3» بعيدة المدى من طراز «قدر 1» وصاروخ «سجيل»، الذي يعمل بالوقود الصلب، وذلك في المرحلة الثالثة والأخيرة من مناورة صاروخية دفاعية تحمل اسم «الرسول الأعظم 4». ولفتت الخارجية الفرنسية في بيان، إلى أن المناورات العسكرية جاءت بعد أسبوع من كشف إيران عن منشأة نووية سرية لتخصيب اليورانيوم في «قم». واستنكرت التجارب قائلة، إنها لن تعزز سوى قلق الدول المجاورة في المنطقة والمجتمع الدولي، خصوصا وأن إيران، وبموازاة ذلك، تطور برانامجا نوويا أثناء وجود منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم كشف عنها فقط أخيرا. ومضى البيان: «نطالب إيران اختيار التعاون وليس المواجهة، ووضع حد لأنشطة تزعزع الاستقرار والتجاوب، ودون تلكؤ، في الاستجابة للمجتمع الدولي لإيجاد حل في هذا الشأن». ومن جانبه، وصف الناطق باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، التجارب الإيرانية ب «الاستفزازية»، قائلا إن الدول الغربية المشاركة في مباحثات الخميس تطالب إيران فتح منشأة «قم»، «فورا ودون قيود» للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبدورها، أعربت روسيا عن قلقها من إجراء الجمهورية الإسلامية سلسة تجارب صاروخية وسط تعذر إيجاد مخرج لبرنامجها النووي المثير للجدل. ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافيروف إلى ضبط النفس، وفق وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية. هذا وقد اختبرت قوات الحرس الثوري الإيراني الاثنين، صواريخ «شهاب 3» بعيدة المدى من طراز «قدر 1» وصاروخ «سجيل»، الذي يعمل بالوقود الصلب، وذلك في المرحلة الثالثة والأخيرة من المناورة الدفاعية. وذكرت قوات الحرس الثوري، إن مدى صاروخ «شهاب 3» يتراوح مابين 1500 و 2000 كيلو متر، وتم تحديثها لتحمل عدة رؤوس لتقوم بتدمير عدة أهداف في وقت واحد. وكانت القوات الجوية في الحرس الثوري أجرت تجارب على صواريخ متوسطة المدى مساء الأحد في المرحلة الثانية من المناورات، كما اختبرت في وقت مبكر من ذات اليوم صواريخ قصيرة المدى من طراز «فاتح» و «تندر» و «زلزال»، إضافة إلى صواريخ متعددة الرؤوس، وجميعها محلية الصنع، وفق وكالة فارس.