هيمنت القنوات الفضائية الدينية طوال شهر رمضان على مشاهدي القنوات الأخرى، خاصة أنها تجاوزت ال 80 قناة، وازدحمت بالبرامج المتنوعة، حتى برامج المناظرات بين المذاهب أخذت تتسلل، أيضا، إلى بعض من هذه القنوات، فاشتدت فيها المحاورات، وعلا فيها الصراخ، وكل يندد بظلم البرنامج في عدم أخذ الوقت الكافي، وشهد المشاركون فيها معارك كلامية على الهواء، وتظهر على أشرطة الرسائل أسفل الشاشة، أثناء بث المناظرات، بجمل السب والتجريح والاستهزاء. فك السحر في غضون ذلك استعانت قنوات دينية بالسحرة لعمل الحجب للأطفال، والاستدلال على الأعمال السحرية، وإبطال السحر، فيما تبث القناة محاضراتها الدينية التي تحذر من السحر كنوع من أنواع الشرك، وأوضح أحد المسؤولين في هذه القنوات ل «عكاظ» أن قناته اعتمدت عند فك السحر بالسحر على فتوى صريحة لأحد كبار العلماء. برامج الطهي ولم تتوقف القنوات الدينية عند العقائد، بل بذلت جهودا لاحتواء كل الأسرة، فاستعانت بالطهاة لتقديم الأطباق المتنوعة لموائد رمضان، وبثت أشرطة رسائل نصية تفاعلية لتضع المشاهدات وصفاتهن على الشاشة، فستجد الكنافة على طريقة أم حسام، والمحشي الفرنسي، ووصفات أخرى جديدة كلها تستنزف جيوب المرسلات، وتعد دخلا جيدا للقناة. الاستشفاء بالقرآن وفي موقع آخر تستعين قنوات دينية بوصفات العلاج الشعبي والأعشاب، وإعلانات العسل الشافي، والماء المقروء (قراءة خاصة وقراءة عامة)، وتظهر أرقام الموزعين في جميع مناطق العالم العربي، والتحذير من العمل مع غير الوكلاء المعتمدين، وتمتلك تلك القنوات أرقاما للرسائل التفاعلية على جميع شركات الاتصالات العاملة في المملكة، ومن خلالها يتفاعل طالبو الشفاء، ويرسل لهم التشخيص عن حالتهم ووصفة العلاج أيضا. مواد منسوخة تلك القنوات لا تتكلف كثيرا في برامجها، وديكوراتها، ونوعية البرامج، فكل ما عليها هو بث المحاضرات المسجلة طوال اليوم، حتى أن بعضها ينسخ من اليوتيوب، وتظهر رداءة الصورة، لكن المهم هو وضوح الأشرطة التفاعلية، التي تظهر من فوق المحاضرة وتحتها، وأرقام الرسائل في جانب الشاشة، حيث تعتمد تلك القنوات بشكل كبير على مردود تلك الرسائل، فلا تظهر خلال برامج القنوات الدينية أي إعلانات لرعاة أو داعمين، وهذا يفسر اهتمام تلك القنوات بالرسائل أيا كان مضمونها على حساب الجودة. بعيدا عن السياسة وعلى اختلاف ما تقدمه القنوات الدينية من مضامين، فهي تتفق على البعد عن السياسة، فالمناظرون يسكتون بعضهم إذا وصل الأمر لانتقاد الأنظمة السياسية، ويلتزمون بذلك ويحرصون على عدم الخوض فيه مرة أخرى. وكذلك المحاضرات الدينية، فهي لا تناقش السياسة والمخططات والمؤامرات الإسرائيلية مثلا، إضافة لذلك الوصفات الطبية التي لم تعلن عن وجود علاج للانشقاق العربي أو التفرق الإسلامي.. ربما كان المتابعون للقنوات الدينية يرجون شيئا من الخير والذكر لأنفسهم في شهر رمضان، لكن الكثير منهم يتخوفون من مظاهر الانحراف الديني، واللبس بين المذاهب، خاصة أن بعض القنوات لا تظهر هوية مذهبها، ولذلك فيرونها غير مؤهلة لتكون مصدرا للمعلومات الدينية الصحيحة.