والعنوان كما هو معروف ومشهور عجز لبيت شعري لأمير الشعراء أحمد شوقي وصدره: «وإذا أصيب القوم في أخلاقهم»، ولا شك في أن ما ذكره الشاعر صحيح، لأن الإصابة التي تمس الأخلاق.. أخلاق الأمم وأخلاق المجتمعات وأخلاق الأفراد هي أشد وأنكى من أية إصابة أخرى بل هي المصاب الجلل الذي قد يكون وراء كل ضعف وانحطاط وتأخر وتدهور في السياسة والاقتصاد والعلم والصناعة والزراعة والبناء والنظام والمعاملات والصحة والإدارة والسلوك العام والخاص!؟ إن أول ما تبني عليه الأمم المجيدة الناهضة حضارتها أن تربي نفسها وشعوبها على الأخلاق الفاضلة والمبادئ الحميدة، فإن أخفقت في بلوغ هذا الهدف فإن التعليم غير كاف والثروات غير كافية والتاريخ والموقع الجغرافي كذلك لأنه لانفع لتعليم لايهذب السلوك ولا نفع لثروات لاتعامل وفق نظام خلقي يحافظ عليها ولا لتاريخ ومجد غابر يضيعه بنوه المعاصرون، بل إن الذي لايهذب العلم سلوكه فإنه يصبح من الذين أضلهم الله على علم وختم على قلبه، وقد يستخدم علمه وخبراته في الشر والظلم والكبر وإيذاء الآخرين والعمل من أجل أكل حقوقهم مستخدما ما لديه من طرق متعددة للتحايل والنصب والمكر من أجل الوصول إلى هدفه الخبيث، وكم من الأمم التي منحها الله مواقع جغرافية غالية وثروات طبيعية فخمة، ولكن فساد الأخلاق والانتهازية أثرا على الإدارة وجعلا تلك الدول من أفقر دول العالم وشعوبها من أتعس الشعوب، وليس فيها من يعيش حياة بذخ إلا فئة محدودة من الناس، أما الباقون فهم في شظف من العيش وسوء الحال لأن التعامل في جميع مجالات الحياة لايقوم على الأخلاق والمبادئ الفاضلة بل يقوم على الفساد والإفساد والانتهازية والأنانية والأطماع الشخصية، فكيف يمكن أن تقوم تنمية في ظل تلك الأوضاع البائسة، ولذلك فإن أمير الشعراء أحمد شوقي لم يبعد عن الحقيقة كثيرا عندما اعتبر المصابين في أخلاقهم موتى بلا قبور وأن من الواجب أن تقام لهم المآتم وتنصب سرادقات العزاء فيهم وأن يبكي الناس على ما آلت إليه أحوالهم من فساد خلق لم يكن مقتصرا عليهم بل إنه سار إلى غيرهم كسريان النار في الهشيم لأن الخير يخص صاحبه والشر يعم الجميع. ولكن يبدو أن بعض المصابين في أخلاقهم هم من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ولذلك تجدهم أبعد ما يكونون عن سماع نصح أو أخذ عبرة أو التأثر بموعظة فقد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة.. أسأل الله لنا ولكم العافية وحسن العاقبة! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة