يشكو أربعة في المائة من سكان العالم من البهاق، في ظل غياب رصد انتشار المرض محليا وعربيا. أوضح ذلك المشرف على كرسي أبحاث البهاق واستشاري أمراض الجلد والليزر والأستاذ المشارك في كلية الطب في جامعة الملك سعود الدكتور خالد بن محمد الغامدي، مشيرا إلى أن البهاق من الأمراض الجلدية الشائعة. وقال الدكتور الغامدي في محاضرة دعا إليها الكرسي أخيرا في مستشفى الملك فهد في الباحة تحت عنوان (هل يعد البهاق مشكلة وطنية): «إنه لا توجد دراسات محلية عن مدى انتشاره في المملكة، لكن يعتقد من خلال الممارسة الإكلينيكية أن انتشاره قد يكون كبيرا مقارنة بالشعوب الأخرى، وهو مرض يظهر على شكل بقع بيضاء فاقدة للون الجلد الطبيعي وهو أكثر وضوحا في أصحاب البشرة الداكنة». ولا يقتصر أثر البهاق على لون الجلد، بل أثبتت الدراسات العلمية أن له آثارا سيئة على الجوانب النفسية والاجتماعية والوظيفية والاقتصادية، فمن آثاره النفسية حصول القلق والاكتئاب لدى مرضى البهاق، وهناك حالات انتحار في الحالات الشديدة، ومن الآثار الاجتماعية العزلة الاجتماعية للمريض المصاب بسبب تعرضه لنظرات الاستغراب من الآخرين أو نظرات الازدراء والاشمئزاز خصوصا أن هناك معتقدات خاطئة مرتبطة بهذا المرض مثل أنه يصيب الأشخاص قليلي النظافة، ومن يتركون بقايا الأكل على جلدهم بدون غسل. كذلك اعتقاد البعض أنه ينتقل بالعدوى، كما يقابل بعض المرضى بالرفض الاجتماعي. حالات طلاق ولفت الدكتور الغامدي إلى وجود حالات طلاق وعنوسة بسبب هذا المرض، موضحا أن المشكلة تكون أشد عندما يصيب المرض المناطق المكشوفة من الجسم كالوجه واليدين، وقد يؤثر هذا على فرص الحصول على وظيفة لفئة الشباب والشابات، وقد يهدد الاستمرارية في الوظائف التي تتطلب مواجهة الجمهور. وأكد أن لمرض البهاق يعد عبئا «اقتصاديا» ملموسا فالعلاج ببعض المركبات الموضعية يكون غالي الثمن مثل مركب (التاكرولمس) كما أن تردد المريض على المستشفى لأخذ جلسات العلاج الضوئي بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا لمدة تتراوح من سنة إلى سنة ونصف يتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال. علاوة على ذلك فإن العلاج بزراعة الخلايا الصبغية غير المحفزة مكلف والعلاج بزراعة الخلايا الصبغية المحفزة (وهو أفضل لمساحات البهاق الكبيرة) مكلف جدا، وغير متوفر إلا في مراكز عالمية لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وإذا أضفنا إلى ذلك كلفة علاج المضاعفات النفسية التي تصيب الحالات التي لم تعالج بشكل جيد مثل القلق والاكتئاب وما يتبع ذلك من تغيب عن العمل وضعف الإنتاجية، فإن تكاليف مرض البهاق وتبعاته ليست بالأمر الهين. إشكاليات عربية ولاحظ الدكتور الغامدي وجود إشكاليات عديدة تتعلق بهذا المرض ليس في المملكة فحسب، إنما في المنطقة العربية بأسرها منها: «عدم وجود دراسات إحصائية عن مدى انتشار مرض البهاق، عدم وجود تصور واضح ودقيق عن الآثار النفسية والاجتماعية والوظيفية والاقتصادية لمرضى البهاق، عدم وجود تصور واضح ودقيق عن آراء ومعتقدات واتجاهات مرضى البهاق والمجتمع السعودي بشكل عام عن مرض البهاق، لا يوجد أي مركز بحثي متخصص لتطوير علاج مرض البهاق في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، لا يوجد برتوكول مدروس لعلاج المرضى بالعلاج الضوئي (الأشعة فوق البنفسجية) كذلك بالاكزيمر ليزر، غلاء كلفة زراعة الخلايا الصبغية وعدم توفرها وخصوصا الخلايا المحفزة في المنطقة العربية مما يستدعي أهمية ريادة المملكة في هذا المجال لتوطين هذه التقنية، هناك حاجة ماسة لتدريب الأطباء وطلاب الدراسات العليا (من كليات الطب والعلوم الطبيه التطبيقية والعلوم) والفنيين على تقنية زراعة الخلايا الصبغية».