عندما أعلنت وزارة التعليم العالي عن استعدادها لقبول 268 ألف طالبة وطالب في أكثر من 20 جامعة في المملكة للعام الجامعي 1430/1431ه، استبشر الطلاب وأولياء أمورهم خيرا بوجود فرص كبيرة للقبول في الجامعات، لكن أصيب عشرات الآلاف منهم وأغلبهم ممن تحصلوا على معدلات عالية جدا بإحباط وألم شديدين على مصير أبنائهم نتيجة عدم قبولهم بسبب ما وصفه العديد منهم (بمركز التحطيم) كونه حطم كل آمال الطلاب وطموحاتهم وأحلامهم!! في إشارة منهم إلى المركز الوطني للقياس والتقويم. فأكثر من مائة ألف طالبة وطالب تم رفضهم بسبب هذه الاختبارات، حسب الجهات الرسمية. معظم الجامعات احتسبت شهادة الثانوية 20 في المائة 30 في المائة، واختبارات القدرات والتحصيل 70 في المائة 80 في المائة، أي أن اختبار القدرات سحق اختبارات الثانوية العامة سحقا وجعلها هباء منثورا. لقد بالغت الجامعات في تطبيقه والأخذ به واعتباره المحك الحقيقي، وبالتالي ضربوا بقوانين وبرامج وزارة التربية والتعليم عرض الحائط !! وكأن لسان حالهم يقول: نحن لا نثق في وزارة التربية والتعليم ولا في مناهجها ولا في اختباراتها، ولا نثق سوى في برنامج القياس. قرأت وسمعت وعشت مع مئات القصص لأسر تبكي بألم وحرقة على مصير أبنائها المرفوضين، أحداهن تبكي وتقول: ابنتي حصلت في الثانوية على 100 في المائة وتراكمي 98.34 في المائة، وبعد اختبار القياس نزلت نسبتها إلى 74 في المائة وكانت تحلم بالطب، أين ضاع جهد وتعب السنوات؟ إذا أنتم غير مقتنعين في مدارسكم ولا في تعليمكم ولا في مناهجكم ما ذنبنا نحن؟ ومواطن يقول: إن ابنه حصل على معدل 98 في المائة في الثانوية العامة القسم العلمي، لم تمكنه هذه النسبة من القبول في الجامعة نتيجة حصوله على درجات دون المطلوب في التحصيل والقدرات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ابنه أدى ثلاثة اختبارات للمركز الوطني للقياس على مدى السنوات الثلاث الماضية. وأكدوا أن أهدافها ربحية بحتة (جمع الملايين)، وإنها ليس لها واقع يخدم العملية التعليمية، إنما أصلها مائة ريال فقط تنتزع من جيب كل طالب!! هذا القياس يعتبر سارق الأحلام وخاطف النجاح، بل إنه صار عقبة كالجبال أمام الطلاب، فهم يفكرون فيه ويحملون همه أكثر من هم الاختبارات نفسها !! هي عملية اختزال ظالمة لمسيرة دراسية طويلة امتدت 12عاما، وفي نهايتها يختم عليهم بختم «غير صالح»!!، ويعتبرونها مجرد حجة لعدم توفير مقاعد جامعية لطلابنا، ومن ثم التخلص من توفير وظائف لهم مستقبلا. هذه الاختبارات لم تعد اختبارات قياس بقدر ما أنها أصبحت هاجسا يؤرق الطلاب وأولياء أمورهم. كثيرون طالبوا أن يستثنى من كانت نسبته 90 في المائة فأكثر من هذا القياس، وآخرون طالبوا أن يكون القياس مجانيا تتكفل به الدولة أو يكون برسوم رمزية لا تتجاوز عشرة ريالات، وكثيرون طالبوا أن تحتسب الجامعات الدرجة الموزونة بأخذ 15 في المائة 20 في المائة فقط من درجات القدرات والتحصيلي، و80 في المائة إلى 85 في المائة من درجة الثانوية العامة. وآخر يقترح أن يستعاض عن القياس بالسنة التحضيرية الجادة كما هو معمول به في الجامعة المميزة، جامعة الملك فهد في الظهران، ومن يجتاز تلك المرحلة يلتحق بالتخصص الذي يرغب فيه. أحمد معمور العسيري