التنافس بين أمريكا وأوروبا من شأنه أن يحسن الفرص أمام دول المنطقة في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة. أكد الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أن اتفاقية التجارة الحرة المقترحة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن أن تحقق مكاسب اقتصادية ملموسة لمصر في حال توقيعها. وقال الدكتور جويلي في حلقة نقاشية نظمها مجلس الوحدة الاقتصادية تحت عنوان «الآثار الاقتصادية للاتفاقية المحتملة للتجارة الحرة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية» : «إن مصر يمكنها أن تجني مكاسب إيجابية يعتد بها من خلال إتاحة الفرصة لتحسين دخول السوق، ومستويات أعلى من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوسيع دائرة الاختيار أمام المستهلك، إلى جانب تشجيع التكامل الإقليمي». وأضاف جويلي: «إنه بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية فإن الاتفاقية تعد بمثابة أداة لدعم التنمية الاقتصادية في دولة محورية في المنطقة، بالإضافة إلى المكاسب السياسية»، واستدرك: «لكن يمكن القول إن الاهتمامات الأمريكية من خلال اتفاقية التجارة الحرة تعد سياسية بالدرجة الأولى، حيث إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تعد منافسا قويا بالنسبة لمصر في الصناعات الكثيفة العمالة وذلك بسبب رخص الأيدي العاملة، ولذا فإن مصر تتمتع في ذلك بميزة تنافسية». وأشار إلى أن الصادرات المصرية الحالية من السلع المصنعة تتمتع بالنفاذ الحر إلى الأسواق الأمريكية، غير أنه قال: «إنه بالرغم من هذه الميزة إلا أنه، وباستثناء الملابس، فإن صادرات السلع المصرية المصنعة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية تعد ضئيلة». وأرجع الدكتور أحمد جويلي ضآلة الصادرات المصرية المصنعة لأمريكا إلى عدم قدرة مصر على إنتاج سلع وخدمات تناسب السوق الأمريكية في ظل سوق تتسم بتنافسية عالية. وأشار إلى أن هناك روابط بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية تتعلق بالمصالح التجارية والتفاهم المشترك في العديد من القضايا، موضحا أن أمريكا تأتي في المرتبة الأولى كشريك تجاري وثاني أهم شريك تجاري بعد الاتحاد الأوروبي. وأعرب الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية عن اعتقاده أن ما يزيد من أهمية التعاون بين البلدين سمة التنافسية العالمية التي تتطلب أن يسعى الطرفان لتقوية الروابط الاقتصادية في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والجوانب التجارية الأخرى خاصة في ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها مصر وفي ظل الاهتمام العالمي المتزايد بمنطقة الشرق الأوسط ككل. في هذا الإطار وخلال الحلقة النقاشية تم عرض دراسة علمية لنيل درجة الماجستير للطالب فيكتور فارس عياد من قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة جامعة القاهرة تحت عنوان «الآثار الاقتصادية للاتفاقية المحتملة للتجارة الحرة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية» يرى أن النجاح الذي حققته الأخيرة خلال العقد الماضي شجع العديد من الدول حول العالم للعمل على السعي لربط اقتصادها بالاقتصاد الأمريكي، أملا في النفاذ إلى أكبر سوق استهلاكية في العالم، إلى جانب كسب ثقة المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال على مستوى العالم، الأمر الذي سيكون في صالح مصر أن تتبنى نفس الرؤية. واعتبرت الدراسة أن التنافس بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الدول الشرق أوسطية من شأنه أن يحسن الفرص أمام دول الشرق الأوسط خاصة إذا استطاعت إحدى الدول الحصول على فوائد خاصة لدخول السوق من إحدى القوتين الاقتصاديتين العظيمتين، فستكون في وضع أقوى للحصول على فوائد مماثلة من الأخرى، مشيرة في هذا الإطار إلى أن مصر تستطيع أن تستمد بعض القوة والنفوذ من خلال اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي يمكن استخدامها في إقناع الولاياتالمتحدة بالدخول في ترتيبات مماثلة. وأكدت الدراسة على ضرورة أن يأخذ المفاوض المصري في الاعتبار ما إذا كان سيترتب على الاتفاقية مع الولاياتالمتحدة تحويل للتجارة أو الإضرار بمصالح الشركاء التجاريين الآخرين. وشددت الدراسة على أهمية أن تعتمد مصر على إستراتيجية القيمة المضافة لزيادة قدرتها وتنافسيتها في السوق الأمريكية بسبب توافر الأيدي العاملة رخيصة الثمن ، مؤكدة على ضرورة أن تعمل اتفاقية التجارة الحرة على تحسين الظروف أمام المستثمرين من كلا الطرفين من خلال وضع ضمانات قانونية وتدابير أخرى من شأنها خلق حالة من الثقة بالنسبة للمستثمر حيث إن تلك التدابير سوف لا تشجع فقط المستثمرين الأمريكيين على الاستثمار في مصر بل سوف تجعلها بمثابة قاعدة اقتصادية لإدارة استثماراتهم في منطقة الشرق الأوسط ككل. وذكرت الدراسة أن تحرير التجارة في إطار اتفاقية التجارة الحرة سوف يجعل قطاع الصناعة المصري أكثر تنافسية، لذلك من المفضل أن تعمل مصر على تطوير صناعاتها التنافسية. ونبهت الدراسة إلى أن الاتفاق بشأن الزراعة من المحتمل أن يكون بمثابة قضية معقدة وذلك في ظل العوائق الجمركية التي تضعها الولاياتالمتحدةالأمريكية على منتجات معينة مثل السكر ومنتجات الألبان، لذلك يجب أن تصر مصر على أن تمنح معاملة تفضيلية تتناسب مع مكانة قطاع الزراعة في اقتصادها القومي، فضلا عن أن القضايا المتعلقة بالزراعة تحتاج إلى مدى زمني أطول يتم من خلاله إجراء تخفيضات في التعريفات الجمركية المطبقة مما يسمح بإجراء تعديلات في القطاع موضع الاهتمام.. ورأت الدراسة أن أهم فائدة اقتصادية يمكن أن تحصل عليها مصر على المدى الطويل من اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تتمثل في ارتباطها بأكبر دولة رائدة في «الاقتصاد المعرفي» والتي تتربع على القمة في إجراء البحوث والتنمية في هذا المجال، الأمر الذي سوف يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على النجاح في ظل هذا الاقتصاد الجديد.