لا يختلف اثنان على الدور الكبير الذي تقوم به المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في المجال الدعوي؛ فهي تسعى دائما إلى تبليغ دين الله والدعوة إلى معالم دينه الحنيف في أي بقعة من أرض الوطن، وذلك من خلال إقامة المحاضرات والدروس والمشاريع لدعوة الجاليات غير المسلمة، إضافة إلى تنفيذ جولات دعوية في القرى والأرياف، وفي الدوائر الحكومية، بل حتى في السجون وتوزيع المطويات والنشرات وغيرها من الوسائل الدعوية المختلفة.. نشاطات عديدة تقوم بها هذه المكاتب الدعوية .. فما هو حصاد هذه الجهود؟ وإلى أين وصلت؟ وما العقبات التي تقف في طريق أدائها لإيصال رسالتها؟، التقرير التالي يقف على أنشطتها المختلفة التوعية والإرشاد تنتشر المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد من الناحية الإدارية حيث تتوزع المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بجدة في المناطق الرئيسة من المدينة، وكل مكتب يشرف على أكثر من منطقة وتندرج تحته مندوبيات كفروع للمكتب تغطي أغلب أحياء المدن وتتخذ عادة من أحد مساجد الحي مقرا لها لتغطي أنشطة الحي والأحياء المجاورة، وتدير هذه المكاتب مجالس إدارة تتمتع باستقلالية كبيرة حيث تتولى وضع الخطط والإشراف عليها ومتابعة البرامج المنبثقة عنها، كما تضم بعض مجالس الإدارات قضاة وعلماء ومستشارين، ويمثل مركز الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف الجهة الرسمية للتنسيق بين المكاتب والوزارة. ورغم توزع المكاتب على المناطق الرئيسة بالمدينة إلا أن لكل مكتب الحق في فتح فروع له في مناطق أخرى كما يظهر ذلك في بعض الأحياء حين تضم أكثر من فرع لأكثر من مكتب الأمر الذي قد يتسبب في ازدواجية أو تعارض بعض البرامج والأنشطة كما يحصل في بعض مصليات العيد إضافة إلى عصبيات فكرية وحزبية كانت قد تأثرت بها بعض المندوبيات في فترات سابقة، إلا أن القائمين عليها يرون ذلك عاملا محفزا للتنافس والعطاء في مختلف البرامج الدعوية. البرامج والأنشطة وعن الحديث عن البرامج والأنشطة التي تقوم بها المكاتب التعاونية يبرز نشاط دعوة الجاليات وتوعيتهم بأمور الدين كجانب متميز لدى المكاتب تشهد له الأعداد المتزايدة للمسلمين الجدد في كل عام، كما يفرغ دعاة من أصول تلك الجاليات لمخاطبتهم وتعليمهم وإرشادهم بعد إسلامهم. و يبرز في جانب البرامج الكم الكبير من المحاضرات والكلمات الوعظية داخل المدينة وفي القرى، بل وفي الدوائر الحكومية كما تشير إلى ذلك تقارير المكاتب التعاونية إلا أنه يتضح الاهتمام بكم المحاضرات والمواعظ التي ألقيت أكثر من الاهتمام بنوعيتها، ولا تجد مسؤولا يتكلم عن استراتيجية معينة في عناوين المحاضرات ومضامينها، والتي قد تكون غير ذات أولوية للسامعين مما يحتم تسليط الضوء على مدى تأثير هذه المحاضرات على الناس ومساهمتها في الرقي بالوعي الديني والتغيير اللازم في النفس والأسرة والمجتمع الأمر الذي يطرح سؤالا حول مدى تأثير هذه المحاضرات وكيفية توجيهها بما يحتاجه الناس، وما يتناسب ومشكلات المجتمع خاصة مع الحضور المتواضع لهذه المحاضرات والتي تقام أغلبها في المساجد؟ في هذا الصدد يجيب مصدر مسؤول بأن ضعف الحضور هو ليس ضعفا في حقيقة الأمر، وإنما تكاثرت المحاضرات في أغلب أرجاء المدينة وبالتالي توزع الحضور على هذه المحاضرات بعكس ما كان يحصل في سنوات مضت حين لم تكن الدروس والمحاضرات منتشرة بشكل كبير؛ فكانت تأتي رموز الدعوة والوعظ في فترات متباعدة فتجد الناس يتوافدون من كل مكان لحضور تلك المحاضرة. بالإضافة إلى اختلاف نوعية الدروس والمحاضرات الملقاة فاختلف معها جمهورها؛ فمن المواعظ الإيمانية التي تستقطب صغار السن والشيوخ إلى الدروس التربوية التي يستفيد منها المدرسون والتربويون إلى الدروس العلمية التي يحضرها طلبة العلم، فكل محاضر له مجاله وله فئة يستفيدون من خطابه. وقد أتاح نقل بعض المحاضرات والدروس العلمية على الإنترنت لشريحة من الناس متابعتها من غير حضور مباشر لتلك المحاضرات غير أنه لا توجد هناك إحصائيات لعدد الحضور على الإنترنت. وعن معايير اختيار عناوين المحاضرات والمواعظ يشير المسؤولون أنها غالبا ما تكون حسب احتياج الجمهور ومشكلات المجتمع، بالإضافة إلى حملات ومواضيع توجه بها الوزارة لمعالجة بعض القضايا بناء على دراسات مسبقة، مؤكدين أن هناك لجنة مشكلة من الوزارة لتقييم المحاضرات بشكل سنوي. احتواء الشباب وعن نصيب الشباب من البرامج الدعوية فهناك محاولات متواضعة في بعض الأحياء لاحتواء الشباب وتوجيههم التوجيه الصحيح عبر ما يسمى ب «الجلسات الشبابية» والتي تقيمها بعض المندوبيات في أماكن تواجد الشباب تحتوي على محاضرات وأنشطة ترفيهية وثقافية، وتبقى المخيمات الشبابية والتي كانت تقام في السنوات الماضية هي الأبرز والأهم لأنها تستوعب عشرات الآلاف من الشباب في فترات الصيف وتقيم لهم المهرجانات الترفيهية والرياضية والتطويرية بالإضافة إلى الدروس والمحاضرات النوعية التي تناسب الذائقة الشبابية ورحلات العمرة التي كانت ومازالت تسير يوميا صوب الحرم المكي الشريف، ومن نتائجها الأعداد الكبيرة من الشباب الذين يعلنون توبتهم من الانحرافات السلوكية والفكرية .. يقول أحد المسؤولين : «حتى الآن لم تتبلور فكرة بديلة لتلك المخيمات تسد مكانها». جهود مضاعفة وعن التجديد والإبداع في طرق وأساليب الدعوة يبدو أن الأمر بحاجة إلى جهود مضاعفة للخروج من دائرة الوعظ والمحاضرات والنشرات والمطويات إلى ابتكار طرق أكثر جاذبية وبرامج أقوى تأثيرا، ففي هذا السياق تبرز أفكارا مثل المصليات المتنقلة والاستشارات الأسرية والقوافل الدعوية المدعمة بالهدايا والألعاب وغيرها، فمثل هذا الأمر يشير إلى أن الوصول لبرامج نوعية ومبتكرة ما زال قيد المحاولة ولم يتحول بعد إلى استراتيجية معمول بها في المكاتب التعاونية. يذكر أن نشاط المكاتب التعاونية «8 « إضافة إلى 100 مندوبية في مدينة جدة، يختلف نشاطها باختلاف نشاط القائمين عليها، ففي حين تسعى بعض المكاتب مع مندوبياتها لتقديم برامج دعوية مميزة وتطوير عملها وعمل منسوبيها من خلال خطط خمسية وأهداف مرحلية محددة، تكتفي أخرى بتوزيع إعلانات المحاضرات و التنسيق مع المشايخ لإقامة وتنفيذ كلمات وعظية في مساجد الحي، لذا تبقى الحاجة إلى الإمكانيات البشرية والمادية ملحة إذ أن أبواب الخير والدعوة إليه كثيرة ومتعددة مما يستوجب تفعيل شعار «العمل للدين مسؤولية الجميع».