لا يغادر ذاكرتي إمام مسجدنا أثناء طفولتي وهو يصلي بالناس ويتقدم بالدعاء كل ليلة قبل ختم صلاة التراويح، كان صوته على قرب منزلنا من المسجد يأتينا متوازنا روحانيا يدعو للخشوع، فنعلم أنه يصلي بالناس دون أن يزعجنا ذلك بل على العكس كانت أخلاقه مدعاة لأن نصلي ونلتزم بالصلاة، لأنه قدوة وقائد في مجاله وكنا نصلي مع حفيدات ذلك الرجل المسن ونشعر أن له هيبته ومكانته وينظر إليه مجتمع الحي الذي نسكنه على أنه أفضلهم خلقا. ما الذي تغير، لماذا يرتفع صوت الشكوى من المؤذنين وأئمة اليوم..؟! مؤذن اليوم يردد نفس كلمات مؤذن الأمس، نفس الآيات الكريمة، ويتجه للقبلة ذاتها، ويحمل العقيدة ذاتها، ما عدا «المكبر»، مكبر الصوت الذي صمت المجتمع على تجاوز «بعض» مستخدميه حدود اللباقة. مكبرات الصوت ليست بلا قدرة على التحكم بها ومنها ما تبيعه متاجر متخصصة ولديها مهندسون لضبط الصوت، أتصور أن هناك قناعة لمن يرفعون صوت المكبر أن المجتمع يحتاج مزيدا من الوصاية ولن يترجم هذه الفكرة سوى رفع الصوت، المسلم الذي يدرك أهمية الصلاة، ومن يحرص عليها سيؤديها ومن يقصر لن يحركه علو صوت المؤذن أو الإمام، والإزعاج «للمكبرات المبالغ في رفع صوتها» لن يؤثر فيه وسيطال الأطفال، ويزعج جيران مساجدنا المزروعة في إحيائنا وبيننا، ومن يريد الاستماع للصلاة بصوت مرتفع فمكانه المسجد.. هل أدرك الأئمة هذه الحقيقة..! أتمنى على وزارة الشؤون الإسلامية بحث ذلك مع الأئمة ومحاورتهم والاستفادة من خبرة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، فربما كانت لغة التعميمات ومخاطبات الوزارة تحتاج أن يكون إمام ومؤذن المسجد شريكا في القرار لا منفذا فقط. المؤلم في مسألة أخلاقيات بعض الأئمة والمؤذنين ما نشر أخيرا عن إمام قطع الصلاة احتجاجا على إقامتها بدونه وطرد مأموما اعترض على تأخره المتكرر! في حي الملز بالرياض لأن المأموم أسدى له نصيحة بعدم التأخر في الحضور للمسجد، كما وسبق لنفس الإمام أن استوقف شابا آخر من استكمال صلاة العصر لأنه أمّ جماعة المسجد بعد تأخر الإمام عن الحضور لأداء الصلاة بحسب ما نشر في صحيفة الرياض. إن للمجتمع حق احترامه لا أن يستخدم الإمام أو المؤذن مسؤوليته عن المسجد كسلاح سلطوي يسيء من خلاله لسماحة أئمة المساجد والمؤذنين فهم قدوة وقادة في مناصبهم وعليهم مسؤولية طرح الأخلاق الحسنة لشريحتهم التي يضعها المجتمع تحت المجهر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة