من المؤسف أن تكون نسبة الطلاق في المجتمع 60 في المائة وهذا يشير إلى خلل عميق في نسيج المجتمع الثقافي والاجتماعي والذي له تكلفته الباهظة على التنمية الاقتصادية! إن 60 في المائة نسبة طلاق تعني احتمالية أكبر لتشرد أبناء 60 في المائة من الزواجات غير الناجحة وضياعهم والتي سينعكس آثارها على أبناء 40 في المائة المتبقين في المجتمع، وتعني وبلا أدنى شك أن 60 في المائة من المراهقين في المجتمع سيكونون أكثر عرضة للإجرام والمخدرات ومساهمتهم في التنمية ستكون محدودة وليس ذلك ذنبهم بل هي خطيئة المجتمع. الستون في المائة تعني أن معايير الزواج في المجتمع غير صحيحة وأن أسس اختيار الزوج والزوجة بحاجة إلى مراجعة ومظاهر الحياة الاجتماعية بحاجة إلى إصلاح. إننا كنا ولا نزال نحتكم للأعراف والتقاليد وليس إلى الدين وهذا ما أثر على استقرار الأسر والمجتمع ككل وهذا ما يؤكده الباحث الاجتماعي الدكتور طارق الحبيب عندما أوضح أن المواريث الاجتماعية خفضت الدين إلى مستواها ولم ترتق لمستوى الدين. الكارثة الحقيقية وحسب الإحصاءات الرسمية أن 67 في المائة من المجتمع السعودي دون سن 30 عاما، مما يعني أننا بحاجة إلى إصلاح البنية الفكرية للمجتمع وتغيير طرق التربية التي أهملت الجانب العقلي في التربية واهتمت بالشكليات، ولابد من التوعية حتى تنخفض نسبة الطلاق في المجتمع ويقل النزيف المالي الناتج عن تلك الزواجات غير الناجحة، فالمطلقات عانين وسيستمررن يعانين ماليا ونفسيا لعدم تمكن العديد منهن من الحصول على وظيفة وللانخفاض التدريجي في مستوى المعيشة نتيجة لجشع التجار وازدياد عدد السكان وارتفاع معدلات البطالة، لذلك من المهم رسم خطة توعية وإصلاح مجتمعي حتى يعيد لأفراد المجتمع اتزانهم الذي سلبته تلك الممارسات وإن تظاهر المجتمع أنه متزن نفسيا. والسؤال الأهم: من هو الجهاز المسؤول عن توعية المجتمع بمخاطر تمزقه؟ في دول العالم اتخذت التوعية طرقا مختلفة ففي دبي والصين اتخذت التوعية لافتات على الطرق، فمع الأزمة المالية كانت لافتات دبي تنادي بالاستمرار في الإبداع حتى مع وجود الأزمة الاقتصادية، وفي الصين لافتات تربط البعد الاقتصادي بالاجتماعي كلافتة في محافظة هامي في شنغهاي تقول: «ادفعوا قدما بالتقدم الاقتصادي لهامي،احموا كابلات الصين الموجودة تحت الأرض، أحبوا أطفالكم البنات». أما في سنغافورة فقد عانى السنغافوريون من بعض عادات الزواج في المجتمع كتزوج السنغفوريين المتعلمين من سنغفوريات غير متعلمات، وماكان من حكومة رئيس الوزراء الأسبق لي كوان يو إلا أن قاوم تلك العادات بالتوعية والتشريع حتى تلاشت، وذكر تفاصيل تلك الممارسات في مذكراته التي حملت عنوانا من العالم الثالث إلى العالم الأول، وفي ماليزيا فقد أطلقت حكومة رئيس الوزارء الأسبق مهندس النهضة الماليزية محاضير محمد رؤية العام 2020 التي هدفت أن تصبح ماليزيا دولة صناعية متقدمة بالكامل بحلول سنة 2020 في جميع المجالات، واهتموا بصناعة قيم جديدة وجعلوها تبدأ من الأسرة والمجتمع لتكون بداية انطلاق لا أن تبنى على مصالح الأفراد.. أما عنا نحن فلا بديل من التوعية أو التشريع أو كليهما والحوار في القضايا الاجتماعية الحساسة كنسبة الطلاق التي ارتفعت في المجتمع من 25 في المائة قبل عشرين سنة لتصل إلى 60 في المائة، ويجب أن نعترف أننا أغضضنا الطرف عن مناقشتها وانشغلنا بتأجيج مواضيع أقل أهمية منها كقيادة المرأة للسيارة ونسينا الألغام الاجتماعية التي دفنت في باطن الأرض دون أن نبطل مفعولها لسلامة الأجيال القادمة والمجتمع والوطن. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة