انطلقت في نيويورك، اليوم (الثلاثاء)، المناقشة العامة للدورة ال79 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنعقد برئاسة رئيس الجمعية فيليمون يانج، وستركز على العمل معاً من أجل تعزيز السلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمستقبلية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن العالم يعيش في دوامة عارمة من الفوضى. مضيفاً: إننا في عصر التحول الملحمي، نواجه تحديات لم نواجهها من قبل، وتتطلب حلولاً عالمية، ورغم ذلك، لا تزال الانقسامات الجيوسياسية تزداد عمقاً، ولا يزال كوكبنا يزداد احتراراً، وتستعر الحروب دون أدنى إشارة إلى كيف ستكون نهايتها. وحذّر غوتيريش من سباق التسلح النووي، الذي وصفه بأنه «برميل بارود يهدد بابتلاع العالم»، مشيراً إلى أن الانتهاكات والتجاوزات الحقيقية للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، وعدم المساواة، والمظالم تهدد بتقويض الدول أو حتى دفعها إلى حافة الهاوية. ولفت إلى أن عوالم الإفلات من العقاب وعدم المساواة وعدم اليقين تتسم بالترابط والتصادمية، مبيناً أن ما وصل إليه مستوى الإفلات من العقاب لا يمكن الدفاع عنه سياسياً أو التسامح معه أخلاقياً. وأضاف: «اليوم، تشعر أعداد متزايدة من الحكومات وجهات أخرى بأنها تستحق الحصول على «بطاقة الخروج من السجن مجاناً»، وأن بوسعها أن تدهس القانون الدولي بأقدامها، وبإمكانها أيضاً انتهاك ميثاق الأممالمتحدة، وبإمكانها تجاهل اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية وقرارات المحاكم الدولية، وبوسعها أن تستخف وتزدري القانون الإنساني الدولي، وبوسعها غزو بلد آخر، وتدمير مجتمعات بأكملها، وتجاهل سلامة شعبها بالكلية، كل ذلك دون أن يحدث شيء، مبيناً أن ذلك يحدث في الشرق الأوسط وفي قلب أوروبا وفي منطقة القرن الأفريقي وما وراء ذلك. وندد الأمين العام للأمم المتحدة بتوسع الحرب في أوكرانيا دون أي بوادر لتوقفها، ويدفع المدنيون الثمن من خلال ارتفاع أعداد القتلى وتدمير الأرواح والمجتمعات، مشدداً على ضرورة إحلال السلام العادل على أساس ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة. وتطرق غوتيريش إلى الحرب في غزة، وقال: «غزة تشكل كابوساً لا يتوقف يهدد باجتياح المنطقة بأكملها»، مضيفاً: «ما عليك إلّا أن تنظر إلى لبنان لا بد أننا نشعر جميعاً بالفزع جراء هذا التصعيد، فلبنان يقف على حافة الهاوية». وشدد بالقول: شعب لبنان، ومعه شعب إسرائيل وشعوب العالم أجمع، لا يستطيعون أن يتحملوا أن تتحول لبنان إلى غزة أخرى، ولا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن سرعة ومعدل القتل والدمار في غزة لا مثيل لهما، ولا تشبه شيئاً حدث طوال السنوات التي جلست فيها على مقعد الأمين العام للأمم المتحدة، موضحاً أن أكثر من 200 موظف أممي قتل، وكثير منهم برفقة أسرهم، ومع ذلك لا يزال نساء ورجال الأممالمتحدة يواصلون العمل. وطالب غوتيريش المجتمع الدولي بالحشد من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، والبدء في عملية لا رجعة فيها نحو حل الدولتين، مخاطباً الحكومة الإسرائيلية بالقول: «بالنسبة لهؤلاء الذين يواصلون تقويض هذا الهدف ببناء المزيد من المستوطنات والسيطرة على المزيد من الأراضي وممارسة المزيد من التحريض، أتوجه بالسؤال: ما البديل؟ كيف يمكن للعالم أن يقبل مستقبل الدولة الواحدة التي تضم هذا العدد الهائل من الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بالحرية، ولا ينعمون بأي حقوق، ولا يتحلون بأي كرامة؟. وتطرق الأمين العام للأمم المتحدة للصراع في السودان ووصفه بالوحشي الذي أطلق العنان لعنف مروع، مبيناً أن الكارثة الإنسانية انكشفت مع تفشي المجاعة، ومع ذلك تواصل قوى خارجية التدخل دون مقاربة موحدة لإحلال السلام. وعبر الأمين العام للأمم المتحدة عن امتعاضه من عدم الاستقرار في الكثير من الأماكن حول العالم، ابتداء من ميانمار إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن هاييتي إلى اليمن، وما وراء ذلك، مبيناً أن العنيف لا تزال مستوياته مروعة في المعاناة الإنسانية في مواجهة الفشل المزمن في إيجاد الحلول.