استكمالاً لسلسلة مقالاتي عن الفضاء واستخداماته وما يحكمه من أنظمة، فإنني أتحدث في هذا المقال عن مسؤولية الأنشطة التي تتم مزاولتها والتي كانت في البداية تقتصر على الحكومات، ولكن مع أواخر القرن العشرين، ومع بداية القرن الحادي والعشرين بدأت الشركات التجارية في احتلال مركز الصدارة في مجال استخدام الفضاء الخارجي، وباتت الدول تعمل على منافستها في الاستثمار الفضائي وترتيباً على ذلك ظهرت الحاجة إلى مساءلة تلك الشركات، وذلك بإعطاء الدولة الحق في الرجوع عليها عندما تمارس الأنشطة الفضائية على إقليمها، وذلك بالتعويض عما تسبّبه من ضرر من منطلق مسؤولية الدولة ابتداء عن التعويض عن الضرر بموجب معاهدة الفضاء واتفاقية المسؤولية وبناء على ذلك فإنها تقوم بمساءلة الشركات الخاصة المتسببة في الضرر بسبب الأنشطة التجارية التي تزاولها في الفضاء الخارجي وتقوم المسؤولية الدولية في ظل القانون الدولي العام في حالة وقوع فعل غير مشروع من الأشخاص الحكوميين، أما الأفعال التي يرتكبها رعايا الدولة الخاضعون لاختصاصها الولائي فإنه لا يمكن إسنادها للدولة بل يتم الرجوع بها على الرعايا، حيث إن المسؤولية الدولية عن الأنشطة الفضائية تمتد لتشمل مسؤولية الدولة عن أنشطة القطاعات غير الحكومية التي تمارس الدولة الرقابة والإشراف عليها في ظل القوانين الموضوعة لها. ومن حيث المبدأ فإن الدولة التي تنطلق منها الأجسام الفضائية هي المسؤولة عنها، وبالتالي تتحمّل مسؤولية الأضرار التي تسببها تلك الأجسام للدول الأخرى أو لأشخاصها الاعتباريين أو لأفرادها كما جاء في قواعد قانون الفضاء الدولي، ومن المتوقع أن تتوسع أنشطة القطاع الخاص في الفضاء بما يؤدي إلى تغيير شكل الاتفاقيات بين الدول إلى اتفاقيات بين هيئات القطاع الخاص، وهو ما سيزيد من تعقيد مشكلة إشراف الدولة ومسؤوليتها عن الأضرار التي تحدث من قبل الشركات التابعة لها أو أشخاص القطاع الخاص في تلك الدولة. ومن منطلق نشر الوعي القانوني تم نشر هذا المقال استشرافاً لما سيحدث في الغد القريب من مشكلات حول تحديد المسؤولية عن الأنشطة الفضائية سواء تم النشاط من قبل القطاع الخاص أو القطاع الحكومي ومن ثم تحديد المسؤول عن كل منها.