ظلت تعد الثواني والدقائق والأيام، لأجمل لحظة في حياتها.. حتى تتزين وتتجمَّل في ليلة زفافها.. إنها ليست ككل الليالي لدى (عفاف)، التي أعدت نفسها لمغادرة بيت والدها وتزف إلى بيت زوجها، وحرصت على أن تصطحب معها خالتها رفيقة دربها المغرمة بالموضة وتنوع التسريحات بعد أن اتفقت مع صالون تجميل، فالعروس مثلها مثل الأخريات تريد أن تظهر في هذه الليلة في أبهى حلة وجمال. استسلمت العروس لمزيّنة الشعر والجمال، لتبدأ الخطوة الأولى في مشوار انتقالها إلى بيت الزوجية، إذ كانت تغرد في كلامها مع خالتها والأخريات في صالون التجميل.. ثوانٍ معدودة، وطالعت في المرآة أمامها، وجحظت عيناها وصرخت في وجه مزينة الشعر والتجميل «ماذا فعلت في شعري.. إنه يتساقط.. يتساقط بكثرة» وأطرقت مزينة الشعر وجهها أرضاً أمام صرخات العروس وهي تسألها: هل أنت ممن تلون شعرها كثيراً وتستخدم مجفف الشعر (الاستشوار)؟ أجابت: كل البنات يحرصن على التجمُّل والتزيُّن وتغيير ألوان الشعر وأشكال التسريحة.. هذه خالتي أمامك إحدى المغرمات بتلوين الشعر وتتابع الموضة أولاً بأول. هنا فاجأتها مزينة الشعر، يا عروس، شعرك تضرر بسبب الصبغات والتسريحات؛ ومنها تسريحة الجدائل الأفريقية التي تعتمد على شد الشعر من جذوره، وطمأنتها أنها ستعالج شعرها بتسريحة لن يظهر فيها أي عيب، لكن عليها أن تذهب للطبيب المختص. صدمة عاطفية! استشاري الأمراض الجلدية والتجميل الطبيب سمير زمو، أوضح أن أسباب تساقط الشعر تتمثل في ثلاثة أنواع أساسية؛ أولها وراثي، يبدأ في العشرين ويستمر مدى الحياة، يصيب النساء والرجال معاً، ويسبب الصلع، ويكون أخف لدى النساء، ويمكن علاج تساقط الشعر عن طريق زراعته بحسب الحالة، أو باستخدام مادة المينوكسيديل أو حقن البلازما. والنوع الثاني، كما يقول زمو، الثعلبة التي تعد حالة جلدية مناعية غير معدية تسبب تساقط الشعر، وتظهر بقعاً دائرية أو بيضاوية خالية من الشعر في فروة الرأس، وفي حال كانت الحالة بسيطة يمكن علاجها عن طريق إبر الكورتيزون لتثبيط المناعة في المنطقة المصابة، او استخدام مراهم طبية مثبطة للمناعة، فيما يظهر النوع الثالث، في انتشار الثعلبة في كامل الجسم فيعطى حبوباً لتثبيط مناعة الجسم. ويرى الدكتور سمير زمو، أن النوع الأكثر انتشاراً هو سقوط الشعر الكربي، ويعود لأسباب عدة، فقد تنتج عملية تساقط الشعر الكربي لاضطرابات مناعية أو أمراض تصيب الغدة الدرقية، ما يؤدي إلى دخول بصيلات الشعر إلى فترة الراحة بشكل مبكر وتصل معدلات تساقط الشعر المتعلقة بالغدة الدرقية إلى 50% من فروة الرأس، أو نتيجة للتغذية السيئة، فنقص العناصر الغذائية مثل الحديد والزنك والبروتينات وفيتامين (B) الذي يؤثر على نمو الشعر بالشكل السليم ويؤدي إلى حدوث ضعف في البصيلات الشعر؛ ما يؤدي إلى دخولها في مرحلة الراحة والتساقط في وقت مبكر من دورة حياة الشعرة، ويؤدي ذلك إلى فقدان الشعر بشكل أكثر من المعتاد، ويعد العامل النفسي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تساقط الشعر الكربي، إذ تبدأ بصيلات الشعر بالتساقط بعد ثلاثثة أشهر من حدوث العوامل النفسية السلبية، التي تشمل القلق والتوتر الشديد، والصدمات العاطفية أو كثرة التفكير بشكل مفرط، تؤدي هذه العوامل إلى دخول بصيلات الشعر في مرحلة التساقط المبكرة. وأوضح استشاري التجميل زمو أنه من الممكن أن تحدث عملية تساقط الشعر الكربي أيضاً؛ نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث للمرأة من ثلاثة إلى يتة أشهر بعد الولادة، إذ تؤثر الهرمونات خلال هذه الفترة على بصيلات الشعر؛ ما يؤدي إلى ضعف هذه البصيلات ودخولها في فترة الراحة، ويمكن للتغيرات الهرمونية التي تحدث للمرأة أثناء فترة الحمل أن تؤثر على بصيلات فروة الرأس ينتج عنها تساقط للشعر بأعداد كبيرة. وعن أضرار استخدام أجهزة تسريح الشعر مثل الاستشوار أو المملس، أكد استشاري الأمراض الجلدية والتجميل أن هناك بعض تصفيفات الشعر مثل الجدائل الأفريقية التي تعتمد على شد الشعر تتسبب في تساقطه على المدى البعيد. الثعلبة.. مرض مناعي المتخصصة في الأمراض الجلدية الدكتورة دينا الديب، ترى أنه من الضروري مراجعة الطبيب المختص للوقوف على أسباب تساقط الشعر فربما يكون وراثياً أو بسبب نقص الفيتامينات والمعادن أو نتيجة تعرض الإنسان لضغوطات نفسية، وفي حال كان التساقط وراثياً يمكن ملاحظته في مقدمة الشعر أو الجانبين، ويمكن علاجه باستخدام حبوب لمعالجة التساقط الوراثي ومادة المينوكسيديل التي لا يمكن التوقف عن استخدامها فجائياً، بل تدريجياً بتخفيف الجرعات. أما تساقط الشعر الهرموني أو الناتج عن نقص الفيتامينات والمعادن فيحتاج إلى تحاليل للغدة الدرقية ولمادة فيتامين (D) والزنك ومخزون الحديد، لتحديد العلاج المناسب وغالباً يمتد إلى ثلاثة أشهر يتنوع بين فيتامينات وجلسات خلايا جذعية. وأوضحت الديب أن من أسباب تساقط الشعر الإصابة بمرض الثعلبة، الذي يعتبر من الأمراض المناعية التي يرجع سببها الرئيسي إلى الضغوطات النفسية الشديدة أو التعرض لأسباب عضوية مثل ضعف النظر والتهابات مزمنة في الأذن الوسطى والحلق، وهذه تعالج بمثبطات المناعة مع التركيز على علاج السبب الرئيسي سواء كان نفسياً او عضوياً. السقوط مرة واحدة نائب أول طب أسرة الدكتور أمير غزال، قال: إن الصلع الوراثي الذي يسبقه تساقط للشعر هو الأكثر شيوعاً بين الرجال والنساء، وقد تتسبب بعض الأدوية كآثار جانبية لتساقط الشعر، مثل أدوية علاج السرطان وبعض أدوية ضغط الدم المرتفع وبعض مضادات الاكتئاب، والالتهابات الجلدية. ويوضح غزال أن الشعر يمر بثلاث مراحل تتمثل في النمو: Anagen، حيث ينمو الشعر بنشاط، ثم مرحلة الانتقال: Catagen، مرحلة قصيرة يتحضر فيها الشعر للتوقف عن النمو، ثم مرحلة الراحة: Telogen، يتوقف الشعر عن النمو ويستعد للتساقط. مشيراً إلى أنه في تساقط الشعر الكربي، يزداد عدد الشعرات التي تدخل مرحلة الراحة بشكل مفاجئ بسبب ضغوط جسدية أو نفسية، ما يؤدي إلى تساقط عدد كبير من الشعر دفعة واحدة بعد أشهر عدة من الحدث المسبب. أيها الأصلع.. تعايش مع الواقع في الجانب النفسي، قال مستشار السلوك المعرفي والتنمية البشرية الدكتور ياسر سندي: نحن نعيش في حياة تملؤها مختلف الضغوطات منها الأسرية والعلمية والعملية، ناهيك عن حدوث ما يسمى بالصدمات النفسية الفجائية التي تصيب الإنسان بشيء من الهزات المتفاوتة التي بدورها تحرك مشاعره السلبية وتؤثر على انفعالاته السلوكية مثل مشاعر الغضب والحزن اللذين بدورهما يؤثران مباشرة على النواحي الجسدية فينغلق الفرد تماماً عن المجتمع إثر الاكتئاب الحاد والكبت الشديد، أو أن يصاب بحالات من الانفلات المشاعري السلبي كالصراخ والبكاء. ويشير سندي إلى إنه إذا لم يستطع الفرد التخلص والتنفيس من مشاعره السلبية فستصيب شيئاً من مكوناته الجسدية وهو العصب الحائر أو ما يسمى أحياناً بالعاشر الذي يبحث عن أقرب وأضعف جزء في التركيبة الجسدية وهو الشعر، فيعمل على تغيير لونه إلى الأبيض وأحياناً ترهله وتقصفه وفقده شيئاً فشيئاً، وفي حالات يتسارع فيها تساقط الشعر الكلي وغالباً ما يصيب الرجال أكثر من النساء. موضحاً أن الإصابة بالثعلبة البقعية، تسبب فراغات دائرية متعددة على الرأس بسبب الضغط والتأثير النفسي الذي يهاجم الجهاز المناعي؛ ويصاب الرجال في منطقتين هما شعر الرأس واللحية، فيما تصاب أكثر النساء بتساقط كثيف ووضوح للفراغات البقعية على شعر الرأس، وينصح من يتعرض لذلك أن يتعايش مع واقعه والذهاب إلى مختصين لإيجاد العلاج المناسب. وترى خبيرة الشعر رانيا السليماني، أن تساقط الشعر مشكلة شائعة يمكن أن تكون نتيجة لعوامل عدة منها التغذية والإجهاد، والأخطر هو استخدام المستحضرات الكيميائية، فالمعالجات بصبغات الشعر والفرد يمكن أن تضر بالشعر وتساهم في ضعفه وتساقطه وإصابة فروة الرأس بالالتهابات، ومن العلاجات المحسنة لصحة الشعر وتعزيز قوته وسماكته: المكملات الغذائية الغنية بالفيتامينات والمعادن، وزيوت الشعر الطبيعية، والماسكات، وتقنيات العلاج بالليزر وزراعة الشعر. التقليل من استخدام الأمشاط الساخنة وزارة الصحة أوضحت أنه لا يوجد علاج فعال 100%، ومعظم حالات تساقط الشعر لا تحتاج إلى علاج، كونها مؤقتة وتنمو مرة أخرى، جزء طبيعي مع التقدم في السن، وعادة ما يتوقف تساقط الشعر الناجم عن حالة طبية أو ينمو مرة أخرى بمجرد التعافي. وأوضحت من خلال صفحتها الإلكترونية، أن علاج بعض الحالات يحتاج إلى وصف الأدوية الطبية، أو بواسطة العلاج المناعي عن طريق وضع مادة كيميائية على بقع الصلع، أو العلاج بالضوء فوق البنفسجي، أو زراعة الشعر عن طريق إزالة الشعر من الجزء الخلفي من الرأس ونقله إلى بقع الصلع. ونصحت وزارة الصحة، من يتعرض لتساقط الشعر بمراجعة طبيب أمراض الجلدية، وغسل الشعر وترطيبه بطريقة لطيفة واستخدم شامبو لطيف، واستخدام بلسم مرطب بعد كل شامبو، ولف الشعر بمنشفة من الألياف الدقيقة لمساعدته على التجفيف بسرعة أكبر، وتجنَّب علاجات الزيت الساخن؛ اذ تعمل هذه العلاجات على تسخين الشعر، مما يؤدي إلى مزيد من الضرر للشعر الهش، والتوقف عن التلوين والتجعيد والتمليس الكيميائي، والتقليل من استخدام أجهزة التجعيد، والتمليس، والأمشاط الساخنة، واستخدامها فقط في المناسبات الخاصة، إذ تعمل هذه على تسخين الشعر، مما قد يؤدي إلى إضعافه، واستخدام أقل درجة حرارة في مجفف الشعر، ويفضل ترك الشعر يجف بشكل طبيعي بدلاً من استخدام مجفف الشعر، والتوقف عن تسريح الشعر بطريقة مشدودة بإحكام، وتجنب لف الشعر حول الإصبع أو شده، وتمشيط الشعر بلطف بالفرشاة، إذ يؤدي شده أثناء تمشيطه إلى تساقطه، والإقلاع عن التدخين؛ إذ يسبب التهاباً في جميع أنحاء الجسم؛ ما قد يؤدي إلى تفاقم تساقط الشعر، وتناول الطعام الصحي الذي يحتوي على الحديد أو البروتين، وقبل تناول مكمل غذائي لنمو الشعر يجب عمل فحص الدم.