أصواتهم ظلت تتردد حول الكعبة «خشب خشب»، يمضون في مساراتهم حاملين (الشبرية) التي داخلها الطائفون من العجزة وكبار السن، ولم يعد لهم ظهور الآن في زمن العربات الحديثة. ظلت (الشبرية) أو ما تعرف ب(حمالات الطائفين) تفرض وجودها لأعوام طويلة داخل صحن المطاف وتشبه في شكلها حمالة المرضى؛ التي يستخدمها المسعفون محاطة بجوانب مرتفعة لسلامة الحاج وتصنع من الخشب الإندونيسي المتين. هي تطورات متعددة على مدى عقود، شهدتها وسائل نقل المعتمرين ممن يشق عليهم الطواف والسعي، ومع زيادة أعداد المعتمرين انزوت كثيرٌ من الوسائل لتحل محلها وسائل نقل حديثة. في البدء استخدم المعتمرون (الشباري)، وانتهى بهم الأمر بوسيلة الكرسي الكهربائي، وما بين الوسيلتين عقود من المتغيرات وأنواع من العربات. (الشبرية) أو حمالات الطائفين، التي كانت أول وسيلة لنقل المعتمرين، عبارة عن كرسي أشبه بسرير خشبي يحمله أربعة أشخاص مفتولي العضلات يضعون فوق رؤوسهم قطعة قماش لتخفيف ثقل الحمل، ويطوفون بالمعتمرين وتصاحبهم كلمات ظلت مألوفة للطائفين، مثل «خشب خشب»، و«طريق يا حاج»، ليُفتَح أمامهم الطريق ويتحركون حتى يتموا الطواف. ثم أتت العربات اليدوية ذات الوزن الخفيف، التي توزع من خلال النقاط والمراكز المخصصة في المسجد الحرام لتعلن معها توديع الشباري. 4 مفتولو العضلات يقوم حاملو الشبرية بتزيينها وتجهيزها بوضع مراتب صغيرة قطنية لراحة الحاج ويحملها أربعة؛ شخصان من الإمام والآخران من الخلف، يمسكان بأذرعها الخشبية وهم يطوفون حول الكعبة، ويستطيع حاملو الشبرية حمل الأوزان والأحجام المختلفة، غير أن عملهم انتهى في ظل التطورات الحديثة والنقلات النوعية التي يشهدها الحرم المكي، إذ قامت الرئاسة بإدخال خدمة العربات الكهربائية الحديثة ذات المواصفات والمقاييس العالمية، وقبلها العربات العادية. وشهدت التطورات، بعد فترة وجيزة، إضافة عربات كهربائية حديثة جاءت بتصميم خفيف الوزن، مع محرك كهربائي وحاصلة على براءة اختراع الهندسة الذكية، وهي سهلة النقل والطي والدفع. واستخدمت بعد ذلك التقنية الذكية بتوفير تطبيق (تنقل) الذي يعد وسيلة سهلة لضيوف بيت الله الحرام للقيام بحجز العربات الكهربائية والعادية للطواف والسعي داخل المسجد الحرام. ويتيح التطبيق آلية الحجز المسبق لتقليل التزاحم على نقاط بيع التذاكر وتسليم العربات للمستخدمين، مع إمكانية الدفع بالبطاقات الائتمانية، وكذلك الدفع عند الاستلام، في خدمة متاحة على مدار الساعة لقاصدي الحرمين الشريفين ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة. 8 آلاف عربة تشرف إدارة خدمة التنقل على العربات داخل المسجد الحرام، وتمنح تصاريح العمل لمن تنطبق عليه الشروط، إذ بلغ عدد العربات 8000 عربة؛ منها 3000 عربة كهربائية، و5000 عربة يدوية تقدم لضيوف بيت الله العتيق لكي يؤدوا عباداتهم بكل راحة وسهولة. وحددت أربعة مواقع ونقاط توزيع وانطلاق العربات، وهي جسر الشبيكة، ومدخل سلم الأرقم، ومدخل باب أجياد، ومدخل المروة فوق سطح دورات القشاشية، إذ يتم تعقيم جميع العربات بشكل فوري وذلك قبل الاستخدام وبعده. وتقدم الهيئة خدمات التنقل بالمسجد الحرام لحجاج بيت الله من كبار السن والمرضى وذوي القدرات الخاصة بتوزيع العربات مجاناً، حتى يتمكن ضيوف الرحمن من القيام بنسكهم بكل يسر وسهولة، ويتم توزيع العربات عبر نقاط مخصصة للتوزيع بالساحات الخارجية في المسجد الحرام. كما تقوم إدارة خدمات التنقل بالمسجد الحرام بالإشراف المباشر على دافعي العربات الخاصة من إصدار وتجديد التصاريح، وذلك بعد استيفاء الشروط اللازمة للحصول عليها كما تقوم بجولات ميدانية للتأكد من التزامهم بالتسعيرة المقررة وانتشارهم في المواقع المخصصة. عربات مجانية تشهد أروقة المسجد الحرام عربات كهربائية تقوم بخدمة ذاتية، إذ يتمكن المستفيد من الطواف والسعي في مسارات خصصت لهم وبتسعيرة ثابتة لجميع المستفيدين، كما توفر إدارة خدمات التنقل العربات الكهربائية بمقاسين؛ إذ يوجد مقاس بكرسي يتسع لشخص ومقاس بكرسي يتسع لشخصين ليتمكن من لا يستطيعون قيادتها بذاتهم الاستفادة من الخدمة والاستعانة بسائق خارجي. ويجوز لمن لا يستطيع المشي، أو مَن أحسّ الإعياء والمرض والتعب، أن يطوف راكباً، وعليه أن يبقى مستيقظاً منتبهاً لأنه في عبادة، وأن يشغل وقته بالدعاء والتضرع إلى الله. ويُتاح في المسجد الحرام أنواع من عربات الطواف، ومن قدِم بعربته يُسمح له؛ شريطة أن يدخل من مدخل العربات المخصص، كما تتوفر عربات مجانية يمكن للحاج والمعتمر استخدامها إذا كان معه من يساعده في السعي، وهناك العربات الكهربائية التي تسهل قيادتها والتحكم بها في الطواف والسعي، ويوجد منها نوعان: مفرد لشخص واحد، ومزدوج لشخصين، وتتوفّر الخدمة في دور الميزانين. تمت الاستفادة، أخيراً، من التقنية الحديثة، بعد أن تم تدشين خدمات الموتوسيكل الكهربائي، الذي اعتبر طفرة نوعية وختام مسك لمسيرة امتدت عقوداً من التطوير والتجديد في وسائل نقل المعتمرين، وتتيح الوسيلة الجديدة أداء النسك بسهولة من خلال التنقل الآلي عبر مسارات مخصصة فيما تتسع العربة الكهربائية لشخص أو شخصين. والعربات المتوفرة في الحرم المكي، تنقسم الى أربعة أصناف: العربات الكهربائية وتتواجد في الدور الأول بالحرم، وهي بأجور رمزية، عربات الدفع اليدوي المجانية التي يتحكم فيها المعتمر بنفسه وتطلب من الساحة الشرقية بالحرم، عربات الدفع اليدوي المستأجرة التي يقوم بدفعها عاملون بأجور رمزية وتتواجد بالدور الأول، وعربات مشروع تعظيم البلد الحرام التي يقوم فيها متطوعون من شباب مكة بدفع المعتمرين مجاناً لوجه الله تعالى.