ما حقيقة خطأ احتساب عدد الأصوات في جلسات انتخاب رئيس البرلمان العراقي التي فشلت بعد 3 جولات ساخنة من الاقتراع؟ وهل تدرس بعض قوى مجلس النواب إطالة أمد الانتخابات لدخول العطلة التشريعية في يونيو القادم؟ وهل يمكن تجريد الكتل السنية من حقها في الرئاسة؟ وهل جاءت مغادرة نحو 80 نائباً البلاد مدروسة لتعطيل الانتخابات؟. كل هذه التساؤلات وغيرها الكثير تدور الآن في أروقة السياسة العراقية، في وقت تصاعدت الاتهامات من أطراف سنية حول «تعطيل متعمد» لجلسة الانتخاب بسبب «طمع» رئيس المجلس بالوكالة محسن المندلاوي في المنصب، بحسب قولهم، مؤكدين أن الأزمة التي اندلعت بعد الإطاحة برئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، هي صراع بين طرفين شيعيين استخدم فيها السنة «أدوات للمنافسة». ومضى الآن أكثر من نصف عام دون أن يستطيع البرلمان اختيار بديل للحلبوسي، فيما يبدو أن تحالف «الإطار التنسيقي» يريد استمرار سيطرته على المجلس عبر المندلاوي، لحين تمرير الموازنة الجديدة. وكاد السنة في جلسة عقدت قبل أسبوعين يصوتون لصالح سالم العيساوي، قبل أن تتحول الجلسة إلى حلبة ملاكمة بين عدد من النواب، لكن محمود المشهداني، المرشح الآخر للمنصب يطالب بإعادة الجلسة بسبب «خطأ في عد الأصوات». وكان البرلمان يستعد لإجراء جولة ثالثة لحسم التصويت على رئاسته بين المشهداني والعيساوي، قبل تعرض النائبين مثنى السامرائي وهيبت الحلبوسي إلى الضرب. ولم يحصل أي من المرشحين على الأصوات اللازمة لتولي المنصب (165 صوتاً)، و كان العيساوي قريباً من الفوز بفارق 7 أصوات فقط. ويعتقد أن اجتماعاً للتحالف الحاكم، سبق جلسة اختيار رئيس البرلمان، وضعت فيه خطة ل«تشتيت الأصوات» وبقاء المنصب بيد المندلاوي، وفق تسريبات. وفي تلك الجلسة اشترط محسن المندلاوي الرئيس بالوكالة، والقيادي في تحالف «الإطار»، لعقد جلسة أخرى «الاتفاق على مرشح واحد» للمنصب، فيما ساد جدل حول قانونية هذا المطلب. وعقب موقف المندلاوي الأخير، أشعلت رسالة مسربة من مجموعة «واتساب» كتبها رئيس حزب السيادة خميس الخنجر، الأجواء بين الطرفين، إذ قال في رسالة أرسلها خلال مجموعة تحمل اسم «محافظة الأنبار/ حزب السيادة»، إنه «بات واضحاً أن السبب الرئيسي لتعطيل انتخاب رئيس مجلس النواب من السنة طمعاً واغتصاباً للمنصب الذي يمثل أكثر من 15 مليون عراقي». وأضاف: «نحتاج إلى حملة إعلامية قوية وإلى مواقف معلنة منكم كممثلين للسنة عبر تغريدات وبيانات مطالبة الإطار والقوى الكردية بعقد الجلسة هذا الأسبوع لانتخاب رئيس المجلس، أي ننسى الخلافات السنية ونركز على المندلاوي ومن يقف معه لاستغلال هذا المنصب». بالمقابل، رد تحالف «الأساس» الذي يتزعمه المندلاوي على الاتهامات ضد رئيس المجلس بالوكالة، ونفى تمسك الأخير بالمنصب. وقال إن «الفوضى (في إشارة إلى جلسة البرلمان الأخيرة) يقف وراءها زعيم سياسي حرض عدداً من أتباعه ضد المندلاوي في السوشيال ميديا»، دون أن يذكر اسمه. وأضاف أن نواباً من عزم (برئاسة النائب مثنى السامرائي) والسيادة يشنون حملة ضد المندلاوي ويصفونه ب(المعطل) وهو تجاوز صريح على رئيس السلطة التشريعية بالوكالة. واعتبر النائب محمد نوري المقرب من المندلاوي أن ما يصدر عن خميس الخنجر «بلا قيمة ولا يستحق الرد»، في إشارة إلى الرسالة الأخيرة المسربة. ويرى النائب المقرب من (الإطار التنسيقي) مصطفى سند، أن محمد الحلبوسي، صاحب الكتلة السنية الأكبر وهو الأحق برئاسة البرلمان. ويعكس هذا الموقف النزاع داخل تحالف الإطار حول الجهة السنية التي ستحصل على المنصب: الأكبر عدداً أم الحلفاء؟. من جهته، أفاد قيادي بارز في حزب «تقدم»، أن اختيار رئيس البرلمان معلق حتى نهاية الشهر القادم، كاشفاً أن هذا الملف سيتم تجميده إلى حين عودة النواب من أداء فريضة الحج. ويعتقد النائب السابق عن الأنبار فيصل العيساوي أنه «في حال انتهت العطلة التشريعية سوف تؤجل قضية اختيار رئيس البرلمان إلى وقت طويل». وقال إن «المواقف مازالت على حالها منذ جلسة البرلمان الأخيرة، ولا توجد حلول حتى الآن». وتحدثت تسريبات عن خطة لانسحاب كل المرشحين للمنصب حتى يتم ترشيح أسماء أخرى، لكنها مقترحات صارت الآن معلقة. وطالب النائب محمود المشهداني رئاسة البرلمان بتشكيل لجنة تحقيقي بشأن جلسة اختيار رئيس مجلس النواب، وعزا طلبه إلى التحقق من نتائج التصويت، بعد رصد خطأ في عد الأصوات. وأفصح القيادي في تحالف الحسم أثيل النجيفي عن وجود محاولات من أطراف سنية وصفها ب«المحايدة» لإيجاد تفاهم بين المرشحين لمنصب رئيس البرلمان، لكن هذه المساعي «لم تجد آذاناً صاغية».