أعلن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي عن رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي، مؤكدًا على أنها ليست مجرد التزام سياسي، بل تعد «التزامًا أخلاقيًا يجمعنا جميعاً، فأمننا المشترك هو الأساس الذي نبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل»، ومشيرًا إلى إيمان دول المجلس بأن الحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر يعتبر من الأساسيات والدروع الحصينة لمواجهة كافة التحديات. جاء ذلك خلال حفل إطلاق الرؤية الذي أقيم البارحة (الخميس) في مقر الأمانة العامة بمدينة الرياض، بحضور عدد من كبار المسؤولين في وزارات الخارجية بدول المجلس والدبلوماسيين، وشدّد على أنَّ مجلس التعاون يقف على أرضية ثابتة في سبيل دعم وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، قائلًا: «أكد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس مراراً وتكراراً، وآخرها خلال قمة الدوحة، على التزام الدول الخليجية الراسخ بمواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، ليس فقط ضمن حدود المنطقة بل وعلى الصعيد العالمي، حيث إن المساهمة في حل القضايا التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين تعد شهادةً على عزمنا وإيماننا بأن السلام ليس مجرد غاية نسعى إليها وحسب، بل هو الأساس الذي تقوم عليه الرؤية لمستقبل يسوده التعايش والتقدم المشترك، عبر تعزيز الدور الإقليمي والدولي، متمسكين بالحوار كجسر للتواصل والتفاهم، مع الحرص على توسيع آفاق التعاون مع كافة شركائنا حول العالم، وانطلاقًا من الإيمان بأنَّ السلام الدائم يتطلب جهودًا مشتركة وإرادة حقيقية وصادقة». وأشار البديوي إلى أن دول مجلس التعاون أثبتت عبر العقود الماضية صدق نواياها والتزامها بهذه المبادئ والمواثيق والأعراف الدولية، وكانت السمة الإيجابية هي بوصلة تفاعلها وتواصلها مع مجتمعها الإقليمي والدولي، وهو ما جعل المجتمع الدولي يثق بها، ويضعها في مكانة تقوم من خلالها بلعب أدوار أكبر، متسلحة بصدق النوايا، والإيجابية في التعاطي، والرغبة الصادقة والواقعية للحد من التصعيد، وفك النزاعات، وإيجاد حلول للصراعات والملفات والقضايا العالقة. وأوضح أن هذه الرؤية هي دعوة لكل الأطراف للعمل معاً من أجل مستقبل مزدهر وآمن، ونوّه على أن هذه الرؤية تشير إلى ثلاث نقاط، أولاها تنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون تجاه القضايا الإقليمية والدولية، إذ يعد ركناً مهماً من أركان التعاون والتكامل بين دول المجلس، وعاملاً أساسياً لرسم سياستها الخارجية الموحدة، مما ساهم ذلك في تمكين مجلس التعاون في تبني مواقف مشتركة موحدة تجاه أهم التحديات التي تواجهها هذه المنطقة والعالم، ومن أهمها قضايا الأمن الإقليمي، وثانيها المواقف المشتركة والموحدة تستند إلى النظام الأساسي لمجلس التعاون، ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول، والتي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها السياسي ووحدة أراضيها ومواردها الطبيعية، مؤكدين على أن يتم حل الخلافات بين الدول عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية والحوار ورفض استخدام القوة أو التهديد بها، حرصاً على أمن المنطقة واستقرارها، وثالثها الاستناد على النظام الأساسي لمجلس التعاون، من جهة، واتفاقية الدفاع المشترك. وفي إطار الأمن شدّد البديوي على أنَّ أمن دول مجلس التعاون كلٌ لا يتجزأ، لا سيّما في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من عدم استقرار، حيث يرتبط ذلك بمبدأ المصير المشترك، وأشار إلى التكامل السياسي والعسكري والأمني بين دول المجلس في استتباب الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي، وأصبحت دول مجلس التعاون شريكاً موثوقاً لكافة الأطراف في العالم في المجال السياسي والأمني والاقتصادي، كما وأنها أمست مركزاً دولياً جاذباً للفكر والثقافة والعلم، فضلاً عن الرياضة والفن، وهذا هو النموذج الذي يأمل مجلس التعاون في أن تصل إليه دول المنطقة والعالم. وعمد البديوي إلى الإشارة لاعتماد دول مجلس التعاون رؤية مستقبلية حيال الأمن الإقليمي تأتي انطلاقاً من مواقف دول المجلس تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وهي رؤية تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، بُنيت أهدافها الاستراتيجية على الحفاظ على الأمن الإقليمي، واستقرار دول المنطقة وازدهار شعوبها، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وبناء علاقات استراتيجية وشراكات إقليمية ودولية، وضمان أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسواق النفط، وتعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة البحرية، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ، وتأمين مواردها الاقتصادية الحيوية والدفاع عنها، وتهيئة فرص استثمارها لتعزيز قدراتها لتحقيق التنمية والتطور لشعوبها، بما يعود بالنفع على تحقيق الأمن والسلم المستدام والرفاه إقليمياً ودولياً. تضمنت الرؤية عدة محاور، أبرزها محور الأمن والاستقرار، والمحور الاقتصادي والتنموي، ومحور البيئة والتغير المناخي، وذلك لمواجهة العديد من التحديات والتهديدات، منها التحديات الأمنية والتدخل في الشؤون الداخلية في دول المجلس ودول الجوار، والتغييرات الجيوسياسية على المستوى الدولي، والتحديات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وأكّد على أن دول مجلس التعاون تقف معاً على عتبات مستقبل تسعى من خلاله للأمن والازدهار، مستلهمين ذلك من رؤيتهم المستقبلية للأمن الإقليمي، وأنها ليست مجرد خطط وأهداف استراتيجية، بل هي عهد لبناء مستقبل مشترك، يسوده الأمن والسلام والاستقرار، وأن التزامهم بالحوار، والتعاون، واحترام السيادة، والتنسيق الدولي، يعكس رغبتهم العميقة لتحقيق السلام الدائم والرفاهية لشعوبهم وللعالم أجمع، داعيًا جميع الأطراف للعمل يداً بيد، لتحويل هذه الرؤية إلى واقعٍ ملموس، يعكس قوتهم المشتركة وإرادتهم في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.