في برنامج الليوان الذي يقدمه الإعلامي عبدالله المديفر تم تخصيص حلقة استثنائية وبشفافية بالغة تناولت المخدرات في المملكة، وتم تسليط الضوء على هذه الآفة؛ أخطر أنواعها وانتشارها وترويجها والحملة الأمنية الكبيرة ضدها وعواقب المخدرات القانونية والاجتماعية، وهناك بعض الملاحظات التي لفتتني في الحلقة ووددت التعليق عليها. اشتمل التقرير على لقاء مع مدير عام مكافحة المخدرات سعادة اللواء محمد القرني الذي استهل حديثه بأننا «بلد مستهدف»، وفي الواقع أن هذه الجملة قد تكون عابرة لدى البعض ولكنها مهمة، ومهمة جداً لأسباب سوف أحاول توضيحها، حيث أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات في شهر أغسطس 2022م ضبط وإحباط عملية تهريب احتوت على 74 مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدرة في حاويات الدقيق وتنقلت الشحنة من بلد إلى آخر ومن ميناء إلى ميناء للتمويه وتضليل جهات الرصد حتى وصلت إلى ميناء الرياض الجاف، كما تم إحباط عملية سابقة تحتوي على 127 مليون حبة إمفيتامين و75 كيلو من مادة الشبو قبل وصولها للمملكة، وعندما يتم ضبط «طن ونصف» من مادة الشبو المخدرة خلال الحملة الأمنية الأخيرة، وبحسب إفادة مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، الذي أفاد أيضاً أن أكثر من نصف معدل الجرائم في المملكة بسبب المخدرات، وأنه خلال الحملة تم ضبط أكثر من 67 مليون حبة إمفيتامين وأكثر من 22 طناً من الحشيش و174 كيلو من مادة الكوكائين، فما هو التحليل المنطقي لهذا الضخ والإغراق للمخدرات داخل المملكة؟ أليس استهداف إجرامي لتدمير شبابها؟! تنتشر مادة الشبو بشكل واسع وبطرق مختلفة ومتجددة مما يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة تجاه مجتمعنا، فالشبو مادة إدمانية بشعة وسريعة التأثير سلباً على الفرد والمجتمع، حيث صنفت بأنها أقوى وأخطر أنواع المخدرات على الإطلاق وتتحول داخل الجسم، بالإضافة إلى خصائصها الانفعالية والإجرامية إلى مادة الإمفيتامين ليصبح الشخص تحت تأثير مادتين خطرتين تتحكمان بانفعالاته وسلوكه وتحفيز السلوك الإجرامي لديه جراء الذهان وغياب السلوك المستقيم للشخص الطبيعي، وهي ببساطة مادة صناعة المجرم وفعل الجريمة في غضون دقائق من تعاطيها، وهي المادة الأسرع في إدمانها من أول جرعة. بحسب نظام مكافحة المخدرات، تم استثناء العقوبة ضد المتعاطي المتقدم بطلب العلاج سواء تقدم بذاته أو عن طريق ذويه، وهذا الاستثناء قائم بنص المادة والنظام، وعليه فإن التقدم بالبلاغات هو واجب وطني ومتاح على مدار الساعة على الهاتف المجاني 995 مع ضمان السرية والخصوصية، فالدولة وأجهزتها الأمنية تسعى إلى تطهير الوطن من هذه الآفة أو الحد منها بشتى الطرق المتاحة والمبتكرة وذلك بالرصد الدقيق لعمليات تغذية المروجين داخلياً ورصد وتتبع المجرمين والكيانات الخارجية على الصعيد الدولي، والضربات الاستباقية لعمليات الضبط المتقدمة والمعتمدة على قواعد من البيانات المتقدمة. عطفاً على عبارة «إننا بلد مستهدف»، فإنني هنا أطرح عبارة وردت على لسان أحد المروجين (سعد) في حلقة الليوان الذي قال إن أسعار مادة الشبو المدمرة انخفض عن السابق بشكل كبير، حيث نزل سعر الغرام من 1200 ريال إلى 50 ريالا! وإن المهربين متهاونون جداً في عمليات دفع المقابل المالي، بل إنهم لا يحرصون على التأخير في الدفع أو حتى عدم السداد! أليس هذا النزول أو لنقل «التنازل» له محركاته وأسبابه لاستهداف مجتمع آمن ومستقر؟ حفظ الله هذا الوطن بشبابه وشاباته وقيادته ورجال أمنه.