فيما كانت نتائج الفوضى التي ضربت الجمهوريات العربية، تحت عنوان «الربيع العربي»، كارثية على تلك البلدان، إلا أنها أدت إلى تبلور الوعي في دول الخليج؛ خصوصاً المملكة العربية السعودية التي التفت حول قيادتها الحكيمة، تزامن ذلك مع صعود نجم الأمير محمد بن سلمان كشابٍ له رؤية بعيدة في حماية بلاد الحرمين من تداعيات تلك الفوضى، وأن يكون بلده في مصاف الدول المتقدمة وهو ما وعد به في أكثر من مرة. منذ استلامه مقاليد الأمور وليّاً للعهد، أدرك الأمير محمد بن سلمان حجم التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهه للوصول بهذه السفينة إلى بر الأمان، ومضى مسيرته برؤية 2030 رغم كل الصعوبات الإقليمية والدولية والمتغيرات الجذرية في السياسة الدولية، هذه الرؤية التي حوّلت اهتمام المجتمع السعودي من الحاضر إلى المستقبل وسط حماس منقطع النظير للمشاركة في صناعة هذا المستقبل. كان التحدي الأمني والاستراتيجي الأول في اليمن وقرار القيادة السعودية بناء على طلب يمني رسمي بإطلاق «عاصفة الحزم» التي كانت صمام أمان المملكة واليمن معاً، وقد حققت هذه العملية، في أيامها الأولى، هدفها لتنتقل المملكة بعد فترة وجيزة إلى عملية «إعادة الأمل» للشعب اليمني الشقيق في رسالة سعودية واضحة على وحدة المصير. وعلى التوازي مع التحديات الأمنية في اليمن، عمل على دعم الاستقرار في الدول التي اجتاحتها الفوضى، قرار حكيم ينبع من رؤية شاملة للأمن القومي العربي. ورغم مواجهته الكبيرة على المستوى الخارجي لهذه التحديات، كان يدرك أن التحديات الداخلية التي تعاني منها المملكة، لا تقل خطورة عن التحديات الخارجية، وكان لا بد من التصدي لها وعلى طريقة الصدمة، فشرع في شنِّ حملة على الفساد، مترافقة بسلسلة من القرارات الاقتصادية، وإطلاق مشاريع من حجم ال(ميغا بروجكت mega project) ورصد لها في السنوات العشر القادمة مبلغ (7 تريليونات دولار) وهو يعادل ما صرف على التنمية في المملكة خلال ال300 عام الماضية، هذه المشاريع ستؤسس لنهضة تكنولوجية وعلمية وصناعية جبارة، وستمكن المملكة من التموضع على تقاطع مشاريع تجارية وإستراتيجيات للأقطاب العالمية الصاعدة، ما زاد من قوة الموقف السياسي للمملكة أمام الحليف الأمريكي، الذي بدأ يرى في السعودية دولة من نوع آخر على المستويات كافة. وعلى الرغم من الأبعاد التاريخية للعلاقة السعودية الأمريكية وأهميتها، إلا أن المملكة ذهبت إلى توسيع علاقتها مع الصين قلب القارة الآسيوية الاقتصادي لتؤسس فكرة التوازن الفعلي في العلاقات الدولية بين الشرق والغرب. كانت فكرة إدارة العلاقات الخارجية للمملكة العربية السعودية تحتاج إلى عمق وفهم تاريخي مركب للعلاقات الدولية ودور كبرى الدول في رسم السياسات، إلا أن ولي العهد تمكن من إدارة التوازن بكل حرفية، وهو الآن يحلق بذراعي التوازن الدولي بين الشرق والغرب وفقاً للمصالح الوطنية السعودية. كل هذه التحديات الدولية لم تمنع ولي العهد من القيام بعملية تطوير اجتماعي وتغيير يشهد له الجميع في السنوات الأخيرة، إذ بدت المملكة لكل مراقب خارجي تسير بخطوات مدروسة نحو الانفتاح المتوازن الذي يتماشى مع طبيعة وديناميكية المجتمع، ذلك أن السعودية محط أنظار العالم؛ لذلك كانت النقلة النوعية الاجتماعية التي شكلت نقطة تحول اجتماعي وثقافي على المستوى الإقليمي والدولي. اليوم، نحن على أعتاب سعودية جديدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وفي ظل هذه القيادة تحقق المملكة كبرى الإنجازات بهمة الشعب السعودي. ولي العهد يخطط لجعل المملكة في مصافِّ الدول المتقدمة الكبرى إدراك حجم التحديات الداخلية والخارجية يقود إلى برِّ الأمان دعم الاستقرار في الدول التي اجتاحتها الفوضى قرار حكيم السعودية تعمل وفق رؤية شاملة للأمن القومي العربي المملكة تسير بخطوات مدروسة نحو الانفتاح المتوازن