إن ما يميز المجتمع السعودي ويجعله مختلفاً عن المجتمعات الإقليمية والدولية، هو ما يتمتع به من رعاية واهتمام ودعم من أئمة وملوك المملكة، الذين حرصوا منذ تأسيس المملكة على توفير الأمن والأمان للمجتمع المحلي، والوافدين للحج والعمرة؛ فالملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بعد توحيد المملكة عام 23/ 9/ 1932ه، سار على نهج أئمة الدولة في توفير الأمن والسلام والطمأنينة في المنطقة؛ لقناعته التامة بأن الأمن يؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي، وينعكس ذلك في أحاسيس ومشاعر المجتمع، فيشعرون بالأمان والراحة، وينظمون علاقاتهم على تباينها، ويحافظون على ممتلكاتهم؛ فالأمن يسهم في ضبط المجتمع وتوطيد العلاقات بينهم القائمة على الودِّ والمحبة؛ مما ينتج عن ذلك الشعور بالمسؤولية العالية تجاه الوطن وأهميته. وهذه المسؤولية دافع للمجتمعات للدفاع عن أوطانهم وتاريخهم وتراثهم. ومن هنا تنبع أهمية المعرفة التاريخية في تطوير الدول واستقرارها، فبها يفتخرون بتراثهم وثقافتهم. وغاية هذا الاستقرار الوصول للنهضة والتنمية المستدامة لجميع مرافق الدولة، وسار على نهج الملك عبدالعزيز أبناؤه من بعده، فاهتم الملك سعود بالتعليم وتعليم البنات خاصة؛ ليقينه التام بأن المرأة جزء رئيس في بناء الدول وتقدمها. كما انطلقت الخطط الخمسية للمملكة منذ عهد الملك فيصل -طيب الله ثراه-، وتعد الخطة الخمسية التنموية الأولى بدايات التخطيط الاجتماعي بعيد المدى على مستوى الخطط التنموية المتتابعة للمملكة؛ حيث ارتكزت الخطط التنموية المتتالية على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بدعم مشاريع البنية التحتية والخدمات المصاحبة لها، مثل: التعليم، وإمدادات المياه، والطاقة الكهربائية، والتوسع في البرامج الاجتماعية، والاهتمام بتنمية الموارد البشرية. وصولاً إلى رؤية 2030 التي سارت على ذات النهج من تطبيق شريعة الإسلام، وتطوير جميع مرافق الدولة والخدمات العامة، والتوسع في استحداث برامج اجتماعية وثقافية، وتحسين المستوى المعيشي لجميع أفراد المجتمع. إن الناظر إلى التغيرات الاجتماعية في المملكة يندهش من تسارعها في وقت قصير جداً، وهذا يعطي دلالة على أن المجتمع مستعد لهذه التغييرات فكرياً ومعنوياً؛ لأنه على قناعة تامة بأهمية التغيير، وهذا التغيير نابع عن وعي فكري عال على الرغم من تباين أفراده وفروقاتهم الفكرية؛ التي بالتأكيد تؤدي إلى تنوع مجالاتهم التي يخدمون بواسطتها الوطن. إن هذه النهضة التي تمر بها المملكة لا تخدم المجتمع المحلي فقط، وإنما تخدم دول الجوار أيضاً؛ يشهد على ذلك عقد العديد من المؤتمرات والاتفاقيات الإقليمية والعالمية التي رصدتها وسائل الإعلام، وكانت شاهدة عليها. إن اتخاذ شعار «نحلم ونحقق» لليوم الوطني 93 يؤكد أن حكومتنا الرشيدة دائماً ما تجعل المواطن ورعايته ورفاهيته من أولوياتها؛ لذا فإننا نشهد برامج وأنظمة مستحدثة ومتجددة بصورة مستمرة. وفي اعتقادي الجازم أن أئمة وملوك المملكة عملوا على مدى عقود على النهوض بهذه الأرض المباركة، وفي اليوم الوطني 93 يجب أن نستشعر أواصر اللحمة الوطنية، ونستذكر هؤلاء الرجال الذين بذلوا الجهد الكبير وذللوا الصعاب وتجاوزوا العديد من التحديات إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. وفي مجمل القول: حلمنا وتحققت أحلامنا، وما زلنا نحلم وكبرت أحلامنا، ونحن على يقين بعظمة رب العالمين وتوفيقه لولاة هذا البلد العظيم بأنها سوف تتحقق.