أقدم شبكة مائية في مكةالمكرمة على مدى قرون، ظلت تمدَّ حجاج بيت الله والمعتمرين وأهل مكةالمكرمة بالمياه لمدة تربو على 1200 عام لتصبح عين زبيدة تاريخية يزورها الركبان، ومعلماً لا تتجاوزه الأعين. أمرت بإنشائها «أم الأمين» زبيدة بنت أبي الفضل جعفر بن أبي جعفر المنصور العباسي؛ زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، بعد أن شكّلت قلة مصادر المياه بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة معاناة لأهلها خاصة في موسم الحج، مع قدوم أعداد كبيرة من الحجاج والمعتمرين، الذين كانوا يواجهون صعوبات جمَّة من نقص المياه خلال رحلتهم صوب مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. وهي قناة من الماء شقت من وادي نعمان شرقي مكة إلى مشعر عرفة لتسقي الحاج والمعتمر والمقيم. ويبلغ طول القناة 26 كيلومتراً، وتشتمل على جزءين؛ الأول منها غير ظاهر (تحت سطح الأرض) يبلغ طوله 16.35 كيلومتر، والآخر ظاهر فوق سطح الأرض يبلغ طوله 9.47 كيلومتر. وتشتمل العين -على طول امتدادها- على عدد من «الخرزات» التي تسمى كذلك بغرف التفتيش، يبلغ عددها 132 خرزة، وتبدأ العين عند الخرزة التي تحمل رقم 1 بوادي نعمان وتتجه صوب مكةالمكرمة، لتظهر في عرفات حول جبل الرحمة في أول ظهور لها جنوب شرقي عرفة، ثم تتجه لتمر ببطن وادي عرنة ومنه إلى منطقة القطانية غربي وادي عرنة، ثم على السفوح الجنوبية والغربية لجبال المنطقة بين عرفات ومزدلفة، ثم تظهر القناة مرة أخرى في حي العزيزية بمكةالمكرمة في أماكن عدة، والجزء الأخير منها بعد جسر الملك خالد، وبعد ذلك المكان أزيلت القنوات وبنيت عمارات مكانها. وتحتوي العين -إضافة إلى الخرزات والقنوات- على مبانٍ إدارية وخزانات لتجميع المياه وبرك، وغير ذلك. وكانت المياه تتدفق من هذا الوقف الإسلامي العظيم بغزارة حتى أصبحت تسقي المزارع والحقول الواقعة قرب مسارها؛ ما جعلها مزاراً سياحياً وريفياً لأهالي مكةالمكرمة، وزوار بيت الله الحرام من حجاج ومعتمرين، واستمرت هذه العين لأكثر من 1200 عام، إلى أن استُعيض عنها بمياه البحار الناتجة عن محطات التحلية الضخمة، وذلك بسبب شحّ المياه فيها واندثار أغلب قنواتها بسبب التطوّر العمراني في مكةالمكرمة.