نعم ميثاق مالي عالمي جديد، بل ونظام عالمي جديد، لا يمكن التغاضي عنه، ومن الواضح أن المملكة (عنوان رئيسي فيه)، فزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لفرنسا ليست إلا ترسيخاً لهذا العنوان، وتأكيداً إضافياً على دور المملكة البارز الذي بات دوراً يتخطى الإقليمية ليصبح عالمياً بجدارة، وهذا يتضح من خلال المحاور الرئيسية التي تمت مناقشتها في قمة باريس بين ولي العهد والرئيس الفرنسي، حسب ما تحدث عنها في الإعلام. الحرب الروسية الأوكرانية هي شأن عالمي بامتياز والرئاسة الفرنسية طلبت من سمو ولي العهد التدخل شخصياً للتوسط في حل هذا النزاع، لثقتهم العالية بقدرته على حل مثل هذه المواضيع الشائكة والمعقدة بالشكل الأمثل، ولجوء الأوربيين للمملكة لم يأت من فراغ، وطلبهم هذا هو اعتراف بقدراته العظيمة ودليل على نجاحه الأكيد. لا بد لنا من تسليط الضوء على الجانب النبيل والإنساني في شخصية سمو ولي العهد، فمجرد قبوله وموافقته على التدخل لإيقاف هذه الحرب التي أثرت على العالم أجمع، مع أن المملكة لم تتأثر بأي شكل من الأشكال ولله الحمد، ومع ذلك فالمملكة لا تترك أي فرصة متاحة لتقديم العون والمساعدة، ولها السبق في هذا المجال ولا نحتاج لأمثلة على ذلك. مما رشح أيضاً عن هذا اللقاء، أنه تمت مناقشة أوضاع لبنان والعراق والسودان ومحاولة إيجاد حل لمشكلات هذه الدول، مما يؤكد على أن الهم العربي لدى سمو ولي العهد هو هم يومي، والقضايا العربية عموماً والقضية الفلسطينية خصوصاً هي شغله الشاغل، ولا يترك وسيلة أو طريقة ليجد حلاً جذرياً وعادلاً لهذه القضايا بالكامل. إن المحاور الأساسية للزيارة عالمية بامتياز، إنسانية بالمعنى الأشمل تؤكد على دور المملكة المتعاظم على الساحة الدولية، وانطلاقاً من هذه المحاور لا بد من تعزيز هذا الدور بأن تكون المملكة أكثر قوة، وذلك من خلال عقد اتفاقيات هامة مع الفرنسيين للحصول على تكنولوجيا دفاعية جديدة ومتطورة سيتم تقديمها إلى المملكة، التي لم تعد محصورة في اتجاه معين أو دولة معينة، بل والمدهش أن هذا التوجه بالحصول على التكنولوجيا هو الجواب الحقيقي على كل الأسئلة، نحن المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نريد أن نصنع أسلحتنا بأنفسنا لا نستورد فقط. لم يهمل سمو ولي العهد الجانب الاقتصادي والعمل على تنويع دخل المملكة، وصولاً إلى عدم الاعتماد على النفط من خلال حصوله على دعم فرنسي مطلق لاستضافة المملكة (إكسبو 2030)، وهذه الخطوة من مئات الخطى باتجاه تطبيق (رؤية 2030)، بإذن الله خطوات ثابتة وهادئة وقوية بفضل الله عز وجل وبفضل رجل يعرف ماذا يريد، يقول ويفعل، يدهشك دوماً ببعد نظره وإحاطته بالموضوع من كل الجهات، وبه ستحضر المملكة قمة ميثاق عالمي جديد حتماً، ولكنها ستحضر كلاعب رئيسي وصاحب قرار مهم ولها الكلمة الفصل والقول المؤثر على الجميع.