ما دعاني للكتابة حول مواجهة الهدر الغذائي، وربطه بالإعلام ووسائله المختلفة؛ كون هذا الموضوع من القضايا المحورية في البناء الإنساني.. وهنا أعرج على ما قدمه طلابي بماجستير الإعلام في مقرر الحملات الصحفية، عبر مشروع عملهم الجماعي، الذي اختصوا من خلاله الهدر الغذائي وحفظ النعمة، فحفظ النعمة سلوك وطابع اجتماعي، وقد اشتهرت مجتمعاتنا بالكرم والضيافة وإقامة الولائم، غير أنّ هذه العادة الاجتماعية الحميدة أفرزت ظواهر اجتماعية سلبية بعضها بيئية وأخرى اجتماعية، فالأول يسهم في تلوث البيئة، والآخر في تعزيز ظاهرة الغلو الاجتماعي، وكلاهما ظواهر سلبية. لقد بلغت تكلفة الهدر الغذائي بالمملكة «40 مليار ريال سنوياً» حسب الإحصائية الرسمية. ولك أن تتخيل القيمة التراكمية لهذا المبلغ الضخم كل عام، وما يمكنه أن يسهم في حاضر ومستقبل التنمية الوطنية. كما نطرح في هذا السياق ما يمكن أن يُؤديه الإعلام من دور مهم في عملية التوعية بحفظ النعمة، ومحاربة العادات التي تخالف الفطرة السوية، والمنطق الواقعي الساعي إلى ترشيد الاستهلاك في ظل عالم يمور بالأزمات والمجاعات والظواهر الطبيعية من الفيضانات والسيول التي تعوز الأفراد إلى ربط البطون وتكميم الأفواه وليس الأمعاء من الجوع والخصاصة. ويحسب لجمعيات حفظ النعمة مبادراتها في التواصل مع أصحاب المناسبات ودورهم في إعادة تدوير ما زاد عن حاجات المناسبات وتقديمها لمستحقيها في أفضل الأوعية مع عبارات الشكر والثناء التي تلهج بها ألسن الفقراء والمحتاجين وهم يستطعمون هذه اللقيمات، التي كادت أن تذهب إلى حاويات النفايات.. فلهم منا جزيل الشكر والعرفان، ومن الله عظيم الأجر والثواب. إن قضية حفظ النعمة والهدر الغذائي يشكلان محوراً مركزياً في الأمن الغذائي، وقد أعادت جامعة الملك فيصل تصميم هويتها انطلاقاً من الأمن الغذائي والاستدامة البيئية لتتسق مع رؤية المملكة 2030، حتى أنّ الجامعة ربطت المخرجات البحثية بهويتها الجديدة لتتكامل معادلة علاقة الإنسان بالمجتمع الصناعي والزراعي المحلي والوطني، ولتبقى الأحساء واحة خضراء تعيد نضارة تاريخ هجر التليد.