أنّى يأتي الفن بمثل طلال مداح، القامة التي تدور في فلكها حتى اليوم كواكب الغناء وأقماره، والذاكرة الحية التي تتدفق كل وقت وحين بمشاهد ما كان لها أن تُسجل في صفحات الماضي، لولا مقادير الحياة وسُننها. ماذا فعل تركي آل الشيخ بصفته عاشقاً أولاً لصوتٍ غنّت به الأرض فأطربت به من عليها، ثم بكونه مسؤولاً اقتلع مساءً استثنائياً لفنان عظيم من تاريخ ممتد. تجلت ذكرى طلال مداح في ليلة صوت الأرض على نحو ملأ قلوب الناس بسيرة فنية وإنسانية عطرة، تفيأ تحت ظلالها الطلاليون وسواهم، حائرون بين شعور فرح اللقاء وحُزن الفراق، وكأنما عاد حياً بيننا ثم عاد ليموت. أن يلتئم هذا الكم من النجوم في ذلك المساء التاريخي، ما كان ليحدث لولا قيمة طلال العظيمة وحرص الهيئة العامة للترفيه، التي تفردت بتسجيل رقم قياسي في حفل تكريمي شارك فيه أكثر من 43 فناناً وفنانة ونقل على أكثر من 40 محطة تلفزيونية محلية ودولية و7 منصات رقمية للمشاهدة، فيما تعذر احتواء كامل الراغبين، وفقاً لتأكيدات المستشار تركي آل الشيخ الذي أبان أن العدد الحقيقي للفنانين تجاوز ال100 من كل الدول العربية، وهو ما كان مستحيلاً استيعابه في ليلة واحدة. الحالة الجماهيرية التي خلقها هذا الحفل، أدارت الأعناق إلى الرياض، التي تسنّمت الريادة الفنية والثقافية، وأبرزت مكانة الفن السعودي على مستوى المنطقة، وعززت موقعه على خارطة الفنون العالمية.