عندما أطلق صناع القرار شعار «من الفكرة للذكرى» على برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي بدأ قبل 4 سنوات تقريباً تحت جناح «رؤية 2030»؛ كان الهدف الرئيس يتخطى تحقق الرضا للحاج والمعتمر، بل كان هناك هدف أكثر إلهاماً يتمثل في إثراء وتعميق تجربتهم، عبر رحلة روحانية لا تنسى. لم يكن ذلك يتحقق بالجودة المطلوبة والطموحات الكبيرة التي عودتنا عليها رؤية الوطن، دون وجود البحث العلمي، الذي يدقق كل الجوانب المتعلقة بقدوم الحاج والمعتمر منذ وصوله حتى لحظة مغادرته، وهو ما اضطلعت به جامعة أم القرى العريقة، عبر معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، الذي نظم على مدار يومين الملتقى العلمي الثاني والعشرين لأبحاث الحج والعمرة والزّيارة بقاعة الملك عبدالعزيز التاريخية في الجامعة بمكةالمكرمة تحت شعار «نحو تجربة متميزة لخدمة ضيوف الرحمن». مثلّت رعاية خادم الحرمين الشّريفين، يحفظه الله، مصدر قوة كبيرة للحدث، وازدانت الفعاليات بحضور مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، وجاءت الجلسات العلمية السبع التي تحدث فيها 33 مسؤولاً وخبيراً عامرة بالأفكار والأطروحات، إضافة إلى ورش العمل التي تركزت كلها حول الهدف الأسمى لخدمة ضيوف الرحمن، وترك أثر طيب في نفس كل حاج أو معتمر وزائر. جسد المؤتمر بأبحاثه وأوراقه العلمية وتوصياته، حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على كاهل هذا الوطن وقيادته وشعبه، لتحقيق الرضا لأكثر من ملياري مسلم في شتى أنحاء المعمورة، تتوق قلوبهم لزيارة الحرمين الشريفين، وتهفو أفئدتهم إلى الكعبة المشرفة والأماكن المقدسة في أطهر بقاع الأرض، وجاءت الأبحاث التي ناقشها الملتقى في حجم التطلعات، إذ ركزت على ثقافة تجربة الضيف وأهميتها في تحقيق رضا ضيوف الرحمن عن جودة الخدمات المقدمة، مع تطبيق أفضل الممارسات المحلية والعالمية، فضلاً عن توفير منظومة متكاملة لضبط العمليات، وتقديم خدمات مؤسسية مبتكرة تعزِّز الاستدامة، وتسهم في إدارة الأزمات وتحويل التحديات لتجارب مميزة. عمل كبير قدمه القائمون على الملتقى يتقدمهم عميد المعهد تركي العمرو، وأوراق بحثية مهمة سيكون لها بالغ الأثر في المستقبل القريب على تجربة الحاج والمعتمر، ووطن حيوي مزدهر يفخر بأبنائه في كل المجالات ويقود نحو تحقيق الشعار المعبر «من الفكرة للذكرى».