تدفع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) نحو الابتكار، وذلك من خلال تمهيد الطريق لاكتشاف تقنيات ومواهب جديدة، وتعليم القوى العاملة السعودية وصقلها عبر برامج جديدة ومواءمة مع رؤية السعودية 2030. منذ تأسست عام 2009، أنشئت جامعة كاوست لهدف أساسي وهو جلب قوة الابتكار لمواجهة العديد من التحديات التي تواجهها المنطقة، في قطاعات البيئة والغذاء والمياه والطاقة. وهذه هي الركائز الأساسية لجامعة كاوست. طوال فترة عملي في جامعة كاوست ومع التطورات التي يشهدها العالم، أضافت ركيزتي الصحة والتحول الرقمي والتي شملت الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبيانات الضخمة. لقد نجحت جامعة كاوست في تحويل كل أزمة واجهناها، بما في ذلك فايروس «كوفيد-19»، إلى فرصة تُستغل لخدمة المملكة والعالم. ففي بداية الوباء، طورنا فريق الاستجابة السريعة لمواجهة فايروس «كوفيد-19»، مع التركيز على أفضل الباحثين في الجامعة؛ بهدف توجيه خبراتهم لاستخراج نتائج البحوث المبتكرة التي من شأنها معالجة الفايروس. ونتيجة لذلك، نجحنا في العديد من الابتكارات. فعلى سبيل المثال، حصل اختبار الكشف عن فايروس «كوفيد-19» بتقنية الاستنساخ العكسي في الوقت الحقيقي-التفاعل البوليميري المتسلسل (RT-PCR) الذي طورته جامعة كاوست، وهو الأول من نوعه في المملكة، على موافقة الهيئة العامة للغذاء والدواء. وتوفر شركة نور دي إكس الناشئة التابعة لجامعة كاوست مجموعة كاملة من معدات المعالجة باستخدام تشخيصات التقنيات البيولوجية التي طورها أستاذ العلوم البيولوجية سمير حمدان. ويُبرز هذا الابتكار سريع الحركة قدرة كاوست على دعم الأفكار الجديدة التي تواكب الظروف المتغيرة في البيئة العالمية. قسم الابتكار في كاوست وضعت المملكة نصب عينها اقتصاد المعرفة، وبالتالي كان عليها أن تطور هذا الابتكار لمواكبة هذه الرؤية. وقد سعت كاوست إلى تعزيز ثقافة الابتكار في المملكة. إن قسم الابتكار لدينا هو الدافع لدعم التقنيات الجديدة وتطوير ريادة الأعمال وتأثيرها. ونحن نوفر الوصول إلى المرافق ذات المستوى العالمي، والملكية الفكرية والتقنيات المتطورة، والاستثمار والتسريع في مجال التقنيات العميقة، وإنشاء جهات اتصال مع ألمع العقول في العالم والوصول إلى مركز الابتكار الرائد في المملكة. مهمتنا هي استخدام أبحاثنا، ومن خلال تعاوننا مع الصناعة والحكومة والشركات الناشئة، نحن نقود نظاماً بيئياً تقنياً عميقاً متنامياً في المملكة. لقد طورت كاوست برامج وتدريبات جديدة حديثة تعمل على تغيير العقليات وتطوير القوى العاملة السعودية؛ ففي عام 2021، نجحنا في تدريب أكثر من 15.000 رائد أعمال في المملكة، وقد نجح أول معسكر تدريبي لدورة كاوست التدريبية المكثفة المفتوحة عبر الإنترنت (MOOC) في جذب أكثر من 100.000 متعلم عبر الإنترنت منذ إطلاقها في عام 2019. حالياً، لدينا 30 شركة ناشئة نشطة في مجال التقنيات العميقة ضمن محفظتنا الاستثمارية، بجانب 24 شركة منبثقة من أعضاء هيئة التدريس ورواد الأعمال في كاوست وست شركات فرعية دولية. رؤية 2030 إن المملكة تتطور بشكل ديناميكي، وتُعد موقعاً لبعض المشاريع العملاقة الأكثر طموحاً في العالم. تماشياً مع رؤية 2030، لدينا حالياً خمسة مشاريع ضخمة في المملكة. وتدعم كاوست هذه المشاريع بشكل استراتيجي، فتوفر المفكرين والفاعلين المبتكرين وأحدث البحوث والتقنيات. ستكون مدينة نيوم، أكبر المشاريع الخمسة، وجهة للحياة المستدامة والعمل والازدهار على البحر الأحمر. ووفرت كاوست مجموعة من الخريجين الموهوبين للعمل في نيوم، إضافة إلى خبراء هيئة التدريس في مجالات الحفاظ على البحار والمياه والطاقة والأمن الغذائي. حتى الآن، إن أكبر التزام لنا تجاه نيوم هو بذل الجهد المشترك لإنشاء أكبر حديقة مرجانية في العالم في جزيرة شوشه في البحر الأحمر. وستغطي حديقة جزيرة شوشه المرجانية مساحة 100 هكتار، وستصبح مركزاً عالمياً لعرض الابتكارات لحماية واستعادة الشعاب المرجانية. بصورة مماثلة، تشترك كاوست مع شركة البحر الأحمر للتطوير في تطبيق رائد في تخطيط والحفاظ والتنمية لتعزيز توزيعات التنوع البيولوجي وعمليات حفظ الأنواع ذات الأولوية عبر نحو 1.300 كيلومتر مربع من البحيرات البكر. إن عملية التخطيط المكاني البحري تنسق الاستخدامات المتعددة للبيئة البحرية -الطاقة والمرافق والترفيه والحفظ والنقل والشحن وتربية الأحياء المائية وغيرها- وتدير بعناية الطريقة التي تتفاعل بها مع الأنواع والموائل المعرضة للخطر بغرض تحسين أهداف الحفظ والتنمية. تُعد هذه الشراكات قيّمة ونافعة لمساعدة المملكة في تحقيق أهداف رؤية 2030 والتي تشمل بناء القدرات لصناعة الذكاء الاصطناعي. من خلال شراكتنا مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، تلعب كاوست دوراً مهماً داخل المملكة لتطوير البرامج التعليمية ورفع مهارات المواطنين في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وكل ذلك يقع تحت مظلة مركز التميز في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي. تعزيز نظام بيئي صحي للذكاء الاصطناعي تعطي رؤية 2030 الأولوية لتنمية القدرات البشرية، وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى خبرات تعلم ديناميكية، سواء على المستوى الشخصي أو عبر الإنترنت لإثراء نسيج التعليم العالي. يأتي ذلك بجانب دور أكاديمية كاوست في ترسيخ روح التعلم مدى الحياة فيم يخص عملية تصميم وتطوير التعلم المدمج. وهذا يدعم بشكل مباشر تنمية مجتمع قائم على المعرفة والمهارات بما يتوافق مع رؤية 2030 وما بعدها في المملكة. الهدف العام هو تعزيز نظام بيئي صحي للذكاء الاصطناعي مع متعاونين وشركاء محليين وإقليميين ودوليين؛ هذا التعاون الوثيق هو السلاح الخفي لتمكين السعودية من أن تُصبح الأفضل في الذكاء الاصطناعي، وأن تُحدث ثورة في تحويل الطاقة وتكنولوجيا المناخ. إن إقامة شراكات على مستوى المنطقة أمر مهم بالنسبة إلى كاوست، ولكن الأهم من ذلك هو الشراكات التي نعززها مع جامعاتنا المحلية. ففي العام القادم، سنعمل على تعميق علاقاتنا الحالية مع الجامعات السعودية والعمل عن كثب مع شركاء مثل جامعة الملك سعود، وجامعة الفيصل، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك عبدالعزيز، على سبيل المثال لا الحصر، في مجالات المبادرات التعليمية، وتنمية المواهب والارتقاء بمهارات الطلاب، وزيادة التعاون بين كاوست وأعضاء هيئة التدريس السعوديين المرموقين. هدفنا هو استكمال ما تقدمه هذه الجامعات المرموقة ومزجه بخبرة كاوست والخبرات العالمية، وذلك بهدف إحداث طفرة كبرى من خلال العمل معاً لخلق مواهب طموحة وبناء نظام بيئي تعليمي قوي يمكنه دعم طموحات المملكة. هناك شيء واحد واضح - نحن جميعاً في مهمة لمنح الجيل الجديد من الشباب العرب الأدوات والتعليم ليبتكروا ويطبقوا علمهم على هذه القضايا الإقليمية والعالمية.