يعد قطاع التعليم والتدريب من القطاعات الحيوية والمهمة لبناء نهضة الأمم وتحقيق ازدهارها. وحتى يتمكن قطاع التعليم والتدريب من تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة، ببناء قدرات بشرية تنافس على المستوى العالمي كان لا بد من تبني استراتيجيات التحول الرقمي لدفع عجلة نمو وتطور هذا القطاع الحيوي، حيث بذلت وزارة التعليم جهودا كبيرة في التحول الرقمي جاءت تزامنا مع الجهود التي تبذل على المستوى الوطني ما أحدث نقله نوعية في تطوير قطاع التعليم. وحتى تتكلل جهود التحول الرقمي بالنجاح والاستمرارية في قطاع التعليم تزامنت هذه الجهود مع اهتمام عالي المستوى بمجال الأمن السيبراني من وزير التعليم الذي يأتي ليترجم اهتمام ودعم القيادة بهذا المجال الحيوي المهم. ومن خلال تجربتي في فترة سابقة كمشرف على إدارة الأمن السيبراني بجامعة جدة وعضو اللجنة الدائمة للأمن السيبراني في منظومة التعليم سوف أشير إلى الجهود المبذولة في مجال الأمن السيبراني من قبل الوزارة وأبرز التحديات التي تواجه هذا المجال في منظومة التعليم والتدريب: أولا: إنشاء الإدارة العامة للأمن السيبراني بقرار من الوزير وتبعيتها له بشكل مباشر، حيث يرأس الوزير اللجنة الإشرافية للأمن السيبراني ويَطَّلع بشكل مباشر على تقارير الأمن السيبراني ويقوم مشكورا بدعم المشاريع وتذليل العقبات التي تواجه الإدارة العامة للأمن السيبراني. ثانيا: إنشاء اللجنة الدائمة للأمن السيبراني في منظومة التعليم والتدريب، حيث تناقش اللجنة حالة الأمن السيبراني في قطاع التعليم ونسبة الإنجاز في مشاريع الأمن السيبراني التي تقدمها الوزارة لدعم القطاعات التابعة لها. إضافة إلى وضع مستهدفات للأمن السيبراني للقطاع ومتابعة دورية لمدى التقدم في تطبيق المستهدفات. ثالثا: توقيع اتفاقية مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، حيث تسعى الوزارة من خلال الاتفاقية إلى تكامل الجهود مع الهيئة وتحقيق تعاون استراتيجي في مجالات البحث العلمي وتأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة وإطلاق المبادرات المشتركة لتعزيز الأمن السيبراني في المملكة وحماية مصالحها الحيوية وأمنها الوطني. بينما أسفرت هذه الجهود عن رفع مستوى النضج لمجال الأمن السيبراني في التعليم والتدريب؛ ولا تزال هناك تحديات كبيرة يمكن أن تتلخص في حداثة نشأة إدارات الأمن السيبراني وقصر عمرها حيث تتطلب مراحل التأسيس جهودا مضاعفة ورصد ميزانيات عالية، وتأهيل القدرات البشرية الوطنية في هذا المجال والعمل على مدار الساعة لمراقبة الأنظمة التقنية ورصد أي تهديد سيبراني. ومن التحديات كذلك تسرب الكفاءات السيبرانية المؤهلة من الجامعات في ظل التنافس بين القطاعات على استقطاب الخبرات وتقديم مميزات قد لا تتوفر بسلم وظائف الخدمة المدنية أو العقود التشغيلية المتوفرة حاليا في الجامعات. كما أن الموارد والميزانيات المتوفرة لإدارات الأمن السيبراني لا تزال محدودة مع ضعف البنية التحتية لتقنية المعلومات خاصة في الجامعات الناشئة. وأخيراً ضعف الوعي والإدراك الكامل لأهمية الأمن السيبراني وتفاوت نسبة النضج يشكل كذلك أحد التحديات التي تواجه الأمن السيبراني في قطاع التعليم والتدريب. ختاماً: على الرغم من وجود تحديات كبيرة إلا أنني متفائل جداً بأن الاهتمام العالي الذي أولي لمجال الأمن السيبراني والجهود الكبيرة التي ترجمت هذا الاهتمام والتعاون بين الوزارة والهيئة الوطنية للأمن السيبراني سوف تسهم في التغلب على هذه التحديات وتُنتج تحولا رقميا آمنا في قطاع التعليم والتدريب.