تعدُّ رؤية المملكة 2030 مرحلة من مراحل التاريخ السعودي المعاصر، التي تجمع بين أصالة وعراقة الماضي وآمال المستقبل، بنهج غايات تطورية متباينة تكتب تاريخًا جديدًا ومتميزًا للمملكة. ويجب أن ننبه إلى أن هذه الرؤية استكمالٌ لخطط التنمية؛ التي بدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز، مرورًا بأبنائه -طيب الله ثراهم- وصولًا إلى عهد الملك سلمان -أطال الله في عمره- فتبدلت من خطط تنموية تهتم بقطاعات محددة، إلى رؤية شاملة للدولة، تغطي كافة المجالات من اقتصادية وسياسية واجتماعية. وما يميز هذه الرؤية عن الخطط التنموية الماضية سرعة الإنجاز والنجاحات التي حققتها في مدة وجيزة، وتركيزها على الشباب وإتاحة الفرص لهم في مختلف القطاعات، وتمكين المرأة في العديد من المضامير، أضف إلى ذلك البعد عن الاعتماد على النفط كمصدر أولي للدولة، والتركيز على بدائل أخرى من موارد طبيعية مختلفة، إضافة إلى الموقع الإستراتيجي للمملكة الذي يربط بين قارات العالم الثلاث، واستثمار موارده وطرقه في التنمية الاقتصادية، وترسيخ العلاقات والمنفعة العامة مع دول المحاذاة في ذات الموضع. والجدير بالذكر أن هذه الرؤية تعدُّ مرحلة فاصلة من مراحل التاريخ السعودي، بداية من جيل الطفرة، إلى جيل الطيبين، وجيل 2000، وصولًا إلى الجيل الذي أصبح معاصرًا لهذه التطورات والتحولات في المملكة «من جيل الطيبين»، وجيل سوف يكبر، وجيل سوف يولد في ظل هذه الرؤية. والمختلف في هذه الرؤية تركيز أهدافها الإستراتيجية على الاستدامة، وانتقال الإرث التاريخي والحضاري للأجيال اللاحقة بكل سلاسة، والانفتاح على الآخر، وإبراز التراث الثقافي للمملكة في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية؛ إذ ظهر ذلك جليًا في العديد من البرامج والمبادرات التي انبثقت من الهيئات والمؤسسات الموجودة والمستحدثة، على سبيل المثال: هيئة التراث، وهيئة تطوير الدرعية، وهيئة تطوير العلا، والهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض. وفي مفهوم القوى الناعمة تغيرت الصورة الذهنية المأخوذة عن المملكة، سواء من الإعلام المضاد، أو بعض الأفراد المعارضين؛ وذلك بفتح المملكة أبوابها للسياح من مختلف الدول، حيث إن هذا الانفتاح على الآخر سوف يؤدي إلى كتابة تاريخ جديد للمملكة بواسطة هؤلاء الزوار، الذين يعودون إلى ديارهم وفي أذهانهم الموروث الثقافي والتاريخي للمملكة. وفي مجمل القول: تعد هذه الرؤية حدثًا فاصلًا في التاريخ السعودي المعاصر، ومرحلة من مراحله الذهبية التي أثرت وما زالت تؤثر في المجالات كافة، وعلى المستوى المحلي والعالمي. والخلاصة من ذلك أن هذا الجيل سوف يسمى: «جيل الرؤية»، وما أجمل مسماه!