حين تُذْكر قرية الجدَيّدة بلواء القصبة بمحافظة الكرك الأردنية؛ يحضر أيقونة الوطنية والأخلاق والإخلاص، مايسترو تنظيم السير الأردني اللامع هزاع بن عبدالحميد بن محمد الذنيبات.. نشميٌ ورث الثوابت الأردنية النبيلة المتجذرة في المجتمع الأردني الأصيل وعشائره، حُمْر النواظر، منها عشيرته الكريمة «الذنيبات». عمل «هزاع» في إدارة السير 40 عاماً، مقسومة بين خدمته وإعادته للعمل بعد تقاعده لحرفيته الفريدة وروحه المتوثبة وشخصيته المحبوبة غير القابلة للتكرار.. استثنائي في انتمائه وتواضعه وتعامله مع الناس، أحب الجميع فأحبوه.. إطلالة تحمل بصمة بهجة طُبعت على جبين من يراه.. طيلة خدمته الطويلة لم يحرر مخالفة إلا واحدة.. يسدد ويقارب، ينهج الرفق والصّفح.. يرسم الابتسامة لهذا ويؤدّي التحية لذاك.. نال جائزة الملك للموظف المثالي، وحصد لقب «الشرطي الراقص» لعفويته ولياقته ورشاقته. ذاع صيته داخل بلاده وخارجها.. حرص مواطنوه وطلاب المدارس وضيوف دولته للذهاب إلى «دوار العبدلي وإشارة جسر النشاء - المحطة) بالعاصمة عمّان للاستمتاع بمشاهدته أثناء أدائه عمله الميداني بحركاته الاستعراضية المثيرة، ورشاقته الشيقة.. ينظم السير لساعات طِوال تحت حرارة الصيف وصقيع الشتاء.. يفوق في دقّته ما تضيق به حتى إشارات المرور الضوئية. من المواقف اللافتة التي تعامل معها بمهنية وإنسانية؛ حينما تزامن مرور موكب الملك حسين، رحمه الله، مع مرور سيارة إسعاف بادر «هزاع» بإعطاء أولوية المرور لسيارة الإسعاف، فنال إعجاب الملك وأمر بتكريمه وترقيته. حظيت بمعرفة أبي فايز حينما نلت شرف الخدمة ضمن القوات السعودية بالأردن في السبعينات الميلادية.. التقيته ذات مرة بمسجد الحميدي التاريخي بمحافظته الكرك، وفي معيّته زرت قلعة الكرك المجاورة،.. جُلْنا في خزائنها التي تبوح بمجد الإنسان والمكان. وقبل سنوات فُجع الجميع به يترجّل بهدوء وشموخ، رحمه الله، بدافع من الوفاء والإنصاف والتقدير لذلك الوطني العملاق أتيت في هذه العجالة على الإشارة إليه كواجب تمليه أمانة الكلمة وحق له عصيّ على النسيان ولا يسقطه تقادم الزمان. من باب (اذكروا محاسن موتاكم) وتخليداً لذكرى ذلك الأسطورة؛ أتمنى إطلاق اسمه على أحد المواقع التي قضى فيها معظم حياته ينظّم السير وعلى أحد الشوارع والمدارس بقريته بمحافظته الكرك.