ركز قادة التيار الصدري منذ الساعة الأولى لإعلان زعيمهم اعتزال العمل السياسي على التحرك عسكريا لإفراغ مركز الحكم في المنطقة الخضراء، الذي هو أيضاً مقر الرئاسات الأربع، من جميع القوى خارج سلطة الدولة إضافة إلى مكاتب الحشد الشعبي والفصائل الحليفة لإيران ضمن «الإطار التنسيقي». كان الهدف الأساسي، وفق ما كشف ل«عكاظ» قيادي من التيار الصدري على اطلاع بتفاصيل أحداث المنطقة الخضراء، هو «تطهير المنطقة والمناطق المجاورة لها من أية مظاهر مسلحة لأية جهات لا ترتبط بالمؤسسة العسكرية الرسمية التي تمثلها وزارتا الدفاع والداخلية ومؤسسات أمنية مثل جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي ومكافحة الإرهاب وغيرها». وعلى ما يبدو فإن قادة الإطار التنسيقي تنبهوا لمخطط التيار الصدري في وقت مبكر ما دعاهم للإسراع بصد هجمات أجنحته العسكرية باستخدام وسائل عدة منها الأسلحة المتوسطة والخفيفة، واعتقال عناصر وقيادات عسكرية تابعة للتيار. وفي تصريح لقيادي في التيار الصدري -اشترط عدم ذكر اسمه- قال: «بعد اقتحامنا للمنطقة الخضراء ودخول القصر الجمهوري الذي يشغله رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وليس قصر برهم صالح مثلما روجت بعض وسائل الإعلام، عملنا على محاولة إفراغ المنطقة الخضراء من كل الأطراف غير الرسمية، لكن فوجئنا بأشخاص ملثمين ينتمون إلى أمن الحشد الشعبي كانت بأيديهم عصي استخدموها في ضرب المقتحمين، ثم بعد تطور الأوضاع قاموا باختطافهم ومن ثم إعدامهم ميدانيا مثلما تابع الجميع». وأضاف أن عملية الإعدام هذه أثرت كثيراً على مقتدى الصدر، كاشفا أن منفذي الإعدام مرتبطون بشكل مباشر برئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي قضى ليلة 30 أغسطس في السفارة الإيرانية. ولفت القيادي الصدري إلى أن أشخاصا غير قليلين تركوا المنطقة الخضراء، إما إلى خارج العراق أو اتجهوا لمنطقة أخرى. لكن مقربا من الإطار التنسيقي قال ل«عكاظ»: «بعدما علمنا بنية أنصار التيار الصدري إفراغ المنطقة الخضراء من مكاتبنا ووجودنا، دخلت الجهات المسلحة المرتبطة بالإطار مرحلة الإنذار وتم الاتفاق على أنه إذا فشلت عملية صد الاقتحام من قبل أنصارنا هناك، فسنقوم مجتمعين بالدخول للمنطقة الخضراء وسحق هجوم أنصار الصدر». وأفاد مصدر آخر - رفض الكشف عن هويته - بأنه لو دخلت المجاميع المسلحة التابعة للإطار التنسيقي إلى المنطقة الخضراء فإنها لن تصد اقتحام أنصار التيار الصدري فحسب، بل إنها ستعمل على إسقاط حكومة مصطفى الكاظمي، وهو ما يفسر سبب تدخل مرجعية النجف مباشرةً من خلال إيفاد نجل المرجع محمد رضا السيستاني والطلب من مقتدى الصدر سحب أتباعه من المنطقة الخضراء. في غضون ذلك، رجحت مصادر مطلعة ل«عكاظ» أن يشهد هذا الأسبوع إعلان المحكمة الاتحادية حل مجلس النواب. في المقابل، تجري تحركات ولقاءات بين قيادات من التيار الصدري وشخصيات مؤثرة من قيادات ثورة تشرين 2019 لتوحيد التظاهر بين الطرفين، وأن ما حدث أمس (الجمعة) من نزول ثوار تشرين في ساحة النسور يعد تمهيدا للمظاهرات الكبرى التي ستنطلق بعد نهاية «زيارة الأربعين» التي ستصادف يوم 16 أو 17 سبتمبر الجاري. وعلى رغم المخاوف من تجدد أعمال العنف، فإن مراقبين يرون أنه إذا استمر الانسداد السياسي دون حل، فإن العراق يخطو ويقترب أكثر من التدويل.