تدور الأحاديث عن فضلها، ويكتب الشعراء القصائد بجمالها ومدح ما فيها، فهي الحصن الحصين والدرع المتين، يذيب الله باغي أهلها بالشر، وتحرسها الملائكة، فيها وُضِع حجر الأساس لبناء عز الأمة، ومنها خرج الفاتحون لنشر الهدى وكشف الغمة، من أحب البقاع إلى الله، وتحوي أعظم جسد، فيها مما جعل الله في الجنة كجبل أحد، ولها ضعف ما لأم القرى من البركة، بورك هواؤها وماؤها وسماؤها، وكل ما فيها لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها ولأهلها، وهي عامرة بمواطن التقوى، حين تتجول بين رحابها ترى الآثار النبوية، ولها من السنن والفضائل ما ليس لغيرها، كان النبي صلى الله عليه وسلم حين يقبل عليها من سفر يعجل راحلته شوقاً إليها. أعز وأعظم بقعة فيها؛ تلك التي تحوي الجسد الشريف، ومن حولها بناء المسجد النبوي الذي لن ترى العين أجمل منه، فيه يستشعر المؤمن أحداثاً من سيرة سيد العالمين وأصحابه الكرام، ويكون ذلك جرعةً تبعث في الروح الطمأنينة والتقوى والتعلق بالخالق، وقد وفق الله القائمين على خدمة المسجد النبوي الشريف منذ العهد النبوي إلى العهد السعودي الزاهر بالمحافظة على ذلك البناء، والقيام بالتوسعات، والاهتمام بما ترك السابقون، وترميمه، ليبقى شاهداً على مر الزمان بما يحوي من الجمال والعظمة، فترى عين العاكف والباد حين القدوم إليه العلامات التي يعرف من خلالها حدود المسجد القديم والمواضع التي تتعلق بأحداث من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين. فكيف لا يكون المسجد النبوي الشريف قمة سنام المجد والجمال، وتكون المدينة منارة الإسلام الأولى، لا تكفي للحديث عنها المجلدات، ولا تقوم بقدرها القصائد والمعلقات، فهنيئاً لأهلها وكل من شد الرحال إليها بما فيها من الفضائل والبركة والخير الوفير والمكانة العليا، فهي خير مدن الأرض، والسكن فيها أعظم شرف، دار الجوار وفيها أعظم جار.